مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١١٧
ولا يحبس. (ولا يطالبه بقيمته للحيلولة على الصحيح) لامتناع الاعتياض عنه كما مر، لكن له الفسخ واسترداد رأس المال كما لو انقطع المسلم فيه. (وإن) أحضره المسلم إليه في غير محل التسليم ف‍ (- امتنع) المسلم (من قبوله هناك لم يجبر) على قبوله، (إن كان لنقله) إلى محل التسليم (مؤنة، أو كان الموضع) المحضر فيه أو الطريق (مخوفا) لتضرره بذلك، فإن رضي بأخذه لم تجب له مؤنة النقل، بل لو بد لها لم يجز له قبولها لأنه كالاعتياض. (وإلا) بأن لم يكن لنقله مؤنة ولا كان الموضع أو الطريق مخوفا، (فالأصح إجباره) على قبوله لتحصل له براءة الذمة. والخلاف مبني على القولين السابقين في التعجيل قبل الحلول لغرض البراءة، وقد مر تعليلهما.
فصل: في القرض: وهو بفتح القاف أشهر من كسرها، ومعناه القطع، ويطلق اسما بمعنى الشئ المقرض ومصدرا بمعنى الاقراض. (الاقراض) وهو تمليك الشئ على أن يرد بدله. وسمي بذلك لأن المقرض يقطع للمتقرض قطعة من ماله، وتسميه أهل الحجاز سلفا. (مندوب) إليه بقوله تعالى: * (وافعلوا الخير) *، وقوله (ص): من نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه رواه مسلم. وفي صحيح ابن حبان عن ابن مسعود: من أقرض مسلما درهما مرتين كان له كأجر صدقة مرة. فإن قيل:
يعارض هذا ما روى ابن ماجة عن انس أن النبي (ص) قال: أرأيت مكتوبا على باب الجنة ليلة أسري بي: الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر، فقلت: يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن السائل قد يسأل وعنده والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة. أجيب بأن الحديث الأول أصح لأن هذا تفرد به زيد بن خالد الشامي وهو ضعيف عند الأكثرين. وقال ابن عمر: الصدقة إنما يكتب لك أجرها حين تتصدق بها، وهذا يكتب لك أجره ما كان عند صاحبه.
نعم قد يجب لعارض كالمضطر، وقد يحرم كما إذا غلب على ظنه أنه يصرفه في معصية، وقد يكره كما إذا غلب على ظنه أنه يصرفه في مكروه. وفي الروضة في باب الشهادات أنه إنما يجوز الاقتراض لمن علم من نفسه القدرة على الوفاء إلا أن يعلم المقرض أنه عاجز عن الوفاء. ولا يحل له أن يظهر الغنى ويخفي الفاقة عند القرض، كما لا يجوز إخفاء الغنى وإظهار الفاقة عند أخذ الصدقة.
تنبيه: كان ينبغي للمصنف أن يقول: مندوب إليه كما قدرته في كلامه، وصرح به صاحب التنبيه، وكذا في المحكم وغيره، لكن المعروف جره باللام، تقول: ندبته لكذا فانتدب له، ذكره الجوهري. أما المندوب فهو الشخص نفسه . وأركانه: صيغة وعاقد ومعقود عليه كالبيع. وبدأ بالأول منها فقال: (وصيغته) أي إيجابه: (أقرضتك أو أسلفتك) هذا (أو خذه بمثله أو ملكتكه على أن ترد بدله) أو خذه واصرفه في حوائجك ورد بدله كما في أصل الروضة، وأسقطه المصنف للاستغناء عن واصرفه في حوائجك. وتقدم في البيع أن خذه بكذا أو نحوه كناية فيه فيأتي مثله هنا. ولو اقتصر على ملكتك فهو هبة في الظاهر، والقول في ذكر البدل فيما لو اختلفا فيه قول الآخذ بيمينه، لأن الأصل عدم ذكره والصيغة ظاهرة فيما ادعاه، وبهذا فارق ما لو اختلفا في كون العقد بيعا أو هبة حيث يحلف كل على نفي دعوى الآخر. ( ويشترط قبوله) أي الاقراض (في الأصح) كسائر المعاوضات. وشرط القبول الموافقة في المعنى كالبيع، فلو قال: أقرضتك ألفا فقبل خمسمائة أو بالعكس لم يصح، وإن فرق بعضهم بأن المقرض متبرع فلا يضر قبول بعض المسمى أو الزائد عليه، نعم القرض الحكمي كالاتفاق على اللقيط المحتاج وإطعام الجائع وكسوة العاري لا يفتقر إلى إيجاب وقبول. والثاني: لا يشترط، لأن القرض مكرمة وإباحة إتلاف بشرط الضمان، وظاهر أن الالتماس من المقرض كاقترض مني يقوم مقام الايجاب، ومن المقترض
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429