مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٠
(فصل: لكل منهما) أي: للمعير والمستعير (رد العارية متى شاء) وإن كانت مؤقتة والمدة باقية لأنها مبرة من المعير وارتفاق من المستعير فلا يليق بها الالزام. ورد المعير بمعنى رجوعه كما في المحرر، ولو عبر به لكان أولى كما عبر به في الوديعة. (إلا إذا) كانت العارية لازمة، كمن (أعار) أرضا (لدفن) لميت محترم وفعل المستعير، (فلا يرجع) أي المعير في موضعه الذي دفن فيه، وامتنع على المستعير ردها، فهي لازمة من جهتهما، (حتى يندرس أثر المدفون) بأن يصير ترابا لا يبقى منه شئ غير عجب الذنب، وهو مثل حبة خردل في طرف العصعص لا جميع العصعص، ولما كان لا يكاد يتحقق بالمشاهدة لم يتعرض المصنف لاستثنائه فإنه لا يبلى أبدا. وإنما امتنع الرجوع محافظة على حرمة الميت، ولهما الرجوع قبل وضعه فيه لا بعد وضعه وإن لم يوار بالتراب كما رجحه في الشرح الصغير، خلافا لما قاله المتولي من جواز الرجوع. وليس في الروضة وأصلها تصريح بترجيح. قال الأذرعي: وكلام النهاية والبسيط يوافق كلام المتولي، ولم أر من صرح بخلافه اه‍. وصورة ذلك بعد البلى إذا أذن المعير في تكرار الدفن وإلا فقد انتهت العارية، وإذا امتنع الرجوع قبل البلى لا يستحق المعير أجرة كما صرح بذلك البغوي والماوردي وغيرهما، لأن العر ف غير قاض به والميت لا مال له، وللمعير سقي شجر بالأرض التي بها القبر إن أمن ظهور شئ من الميت وإلا امتنع عليه، ولو أظهره السيل من قبره قال الماوردي والروياني: يجب إعادته لأنه قد صار حقا له مؤبدا. قال ابن الرفعة: وقد يوجه بأن دفنه على الفور وفي تأخيره إلى حفر غيره ونقله إليه تأخير للواجب. ويؤخذ من ذلك أن السيل إن حمله إلى موضع مباح يمكن دفنه فيه من غير تأخير منع إعادته وهو كذلك، وعلى المعير لولي الميت مؤنة حفر ما رجع فيه قبل الدفن لأنه المورط له. فإن قيل: لو بادر المعير إلى زراعة الأرض بعد تكريب المستعير لها لم يلزمه أجرة التكريب كما في فتاوى البغوي، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الدفن لا يمكن إلا بالحفر بخلاف الزراعة فإنها ممكنة بدون التكريب، ولا يلزمه الطم لما حفره لأنه بالاذن.
تنبيه: أورد على حصره الاستثناء فيما ذكره مسائل، منها ما لو كفن الميت أجنبي وقلنا إن الكفن باق على ملك الأجنبي كما هو الأصح في زيادة الروضة في كتاب السرقة فهو عارية لازمة كما قاله في الوسيط، أي من الجانبين، فلو نبش الميت سبع وأكله فقد انتهت العارية فيرجع إلى المعير ولا يسمى راجعا في العارية. ومنها ما لو قال: أعيروا داري بعد موتي لزيد شهرا لم يكن للمالك وهو الوارث الرجوع قبل الشهر كما قالاه في التدبير. ومنها ما لو نذر المعير أن لا يرجع إلا بعد سنة مثلا أو نذر أن يعيره سنة مثلا امتنع الرجوع قبل السنة، قاله الرافعي في التدبير. ومنها ما لو أعار سفينة فوضع المستعير فيها متاعا ثم طلبها المعير في اللجة لم يجب لذلك لأجل الضرر لا للزومها، قاله البندنيجي والروياني، قال ابن الرفعة: ويظهر أن له الأجرة من حين الرجوع كما لو أعاره أرضا لزرع فرجع قبل انتهائه. ومنها ما لو أعاره دابة أو سلاحا أو نحو ذلك للغزو فالتقى الصفان فليس له الرجوع في ذلك حتى ينكشف القتال، قاله الخفاف في الخصال. ومنها ما لو أراد الصلاة المفروضة فأعاره ثوبا ليستر به عورته أو ليفرشه في مكان نجس ففعل وكان الرجوع مؤديا إلى بطلان الصلاة، قال الأسنوي: فيحتمل منعه وهو متجه، ويحتمل الجواز وتكون فائدته طلب الأجرة اه‍. ونقل الزركشي في الخادم عن البحر: أنه ليس للمعير الاسترداد ولا للمستعير الرد إلا بعد فراغ الصلاة، وفي شرح المهذب عن الماوردي وغيره: أن المعير لو رجع في الصلاة نزعه وبنى ولا إعادة عليه بلا خلاف اه‍. والأولى كما قال شيخي أن يقال في استعارة السترة للصلاة إن استعارها ليصلي فيها الفرض فهي لازمة من جهتهما أو لمطلق الصلاة فهي لازمة من جهة المستعير فقط إن أحرم فيها بفرض وجائزة من جهتهما إن أحرم بنفل، ويحمل ما ذكر على هذا التفصيل. ومنها ما لو استعار سترة يستتر بها في الخلوة فهي لازمة من جهة المستعير أيضا. ومنها ما لو استعار دارا لسكني المعتدة فهي لازمة من جهة المستعير أيضا. ومنها ما لو استعار سلاحا ونحوه ليدفع به عما يجب الدفع عنه كما هو مبين في كتاب الصيال. ومنها ما إذا استعار ما يدفع به أذى الحر والبرد المهلكين. ومنها ما إذا استعار ما ينجو به من الغرق ويطفئ به الحرق،
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429