مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٦٥
الثوب والصبغ جميعا، (فالأصح أن المفلس شريك لهما) أي البائعين (بالزيادة) على قيمتها، فإذا كانت قيمة الثوب أربعة مثلا والصبغ درهمين وصارت قيمته مصبوغا ثمانية، فالمفلس شريك لهما بالربع. والثاني: لا شئ له والزيادة لهما بنسبة مالهما.
تنبيه: للمفلس والغرماء قلع الصبغ إن اتفقوا عليه ويغرمون من نقص الثوب كالبناء والغراس، ولصاحب الصبغ الذي اشتراه المفلس من غير صاحب الثوب وقلعه ويغرم نقص الثوب، ولمالك الثوب قلعه مع غرم نقص الصبغ، قاله المتولي.
ومحل ذلك إذا أمكن قلعه بقول أهل الخبرة وإلا فيمنعون منه، نقله الزركشي عن ابن كج في الأولى، وفي معناه الأخيرتان.
خاتمة: أفتى ابن الصلاح وغيره في رجل ثبت إعساره ثم كتب عليه مسطور بدين وأشهد عليه أنه ملئ به أنه يثبت بذلك يساره لتمكنه من صرف ما استدانه، وإقراره بالملاء به يسري إلى كل دين. ولو أخفى شخص بعض ماله فنقص الموجود عن دينه فحجر عليه ورجع البائع في عين ماله وتصرف القاضي في باقي ماله ببيعه وقسم ثمنه بين غرمائه ثم بان أنه لا يجوز الحجر عليه، لم ينقض تصرفه إذ للقاضي بيع مال الممتنع من قضاء دينه وصرفه في دينه، ورجوع البائع في العين المبيعة لامتناع المشتري من أداء الثمن مختلف فيه، وقد حكم به القاضي معتقدا جوازه بخلاف ما إذا لم يعتقد ذلك فينقض تصرفه.
باب الحجر هو لغة: المنع، وشرعا: المنع من التصرفات المالية. والأصل فيه قوله تعالى: * (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح) * الآية، وقوله تعالى: * (فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا) *. وقد فسر الشافعي رضي الله عنه السفيه بالمبذر، والضعيف بالصبي، والكبير بالمختل، والذي لا يستطيع أن يمل بالمغلوب على عقله، فأخبر الله تعالى أن هؤلاء ينوب عنهم أولياؤهم، فدل على ثبوت الحجر عليهم. والحجر نوعان: نوع شرع لمصلحة الغير، و (منه حجر المفلس) أي الحجر عليه في ماله كما سبق بيانه (لحق الغرماء والراهن للمرتهن) في العين المرهونة (والمريض للورثة) فيما زاد على الثلث حيث لا دين. قال الزركشي تبعا للأذرعي: وفي الجميع إن كان عليه دين مستغرق. والذي في الشرح والروضة في الوصايا عند ذكر ما يعتبر من الثلث أن المريض لو وفي دين بعض الغرماء فلا يزاحمه غيره إن وفى المال جميع الديون، وكذا إن لم يوف على المشهور، وقيل: لهم مزاحمته كما لو أوصى بتقديم بعض الغرماء بدينه لا تنفذ وصيته، فكلام الزركشي إنما يأتي على هذا. (والعبد لسيده) والمكاتب لسيده ولله تعالى، (والمرتد للمسلمين) أي لحقهم. (ولها أبواب) تقدم بعضها وبعضها يأتي. وأشار المصنف بقوله: منه، إلى أن هذا النوع لا ينحصر فيما ذكره، وهو كذلك، فقد ذكر الأسنوي أنواع الحجر لحق الغرماء ثلاثين نوعا غير ما ذكره المصنف فليراجع ذلك من المهمات. ونوع شرع لمصلحة المحجور عليه وهو ما ذكره بقوله: (ومقصود الباب حجر المجنون والصبي والمبذر) بالمعجمة، وسيأتي تفسيره. وحجر كل من هذه الثلاثة أعم مما بعده. وزاد الماوردي نوعا ثالثا، وهو ما شرع للامرين يعني مصلحة نفسه وغيره وهو المكاتب ومن له أدنى تمييز فكالصبي المميز في الحجر عليه في التصرفات المالية، وإن نظر في ذلك السبكي. (فبالجنون تنسلب الولايات) الثابتة بالشرع كولاية النكاح أو بالتفويض كالايصاء والقضاء، لأنه إذا لم يل أمر نفسه فأمر غيره أولى. فإن قيل: لم عبر بالانسلاب دون الامتناع هل لذلك من فائدة؟ أجيب بنعم، وذلك لأن الامتناع لا يفيد السلب بخلاف
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429