مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢١١
في غيبة الأصيل وكذبه) لأن الأصيل عدم الأداء وهو مقصر بعدم الاشهاد. (وكذا إن صدقه في الأصح) لأنه لم ينتفع بأدائه لأن المطالبة باقية. والثاني: يرجع لاعترافه بأنه أبرأ ذمته بإذنه. ومحل الخلاف إذا لم يأمره الأصيل بالاشهاد أو بتركه، فإن أمره به لم يرجع جزما، أو بتركه رجع جزما كما قاله الدارمي. ولو لم يشهد ثم أدى ثانيا وأشهد هل يرجع بالأول لأنه المبرئ للذمة أو بالثاني لأنه المسقط للضمان؟ فيه وجهان تظهر فائدتهما فيما لو كان أحدهما صحاحا والآخر مكسرا مثلا، قال في الروضة: ينبغي أن يرجع بأقلهما، فإن كان الأول فهو بزعمه مظلوم بالثاني، وإن كان الثاني فهو المبرئ لكونه أشهد به، والأصل براءة ذمة الأصيل من الزائد. (فإن صدقه المضمون له) وكذبه المضمون عنه ولا بينة، (أو أدى بحضرة الأصيل) مع تكذيب المضمون له، (رجع على المذهب) أي الراجح من الوجهين في المسألتين لسقوط الطلب في الأول وعلم الأصيل بالأداء في الثانية. والثاني: في الأولى يقول تصديق رب الدين ليس حجة على الأصيل وتصديق ورثة رب الدين المطلقين التصرف كتصديقه. وهل تصديق الامام حيث يكون لبيت المال كتصديق الوارث الخاص أو تصديق غرماء من مات مفلسا كتصديق رب الدين؟ قال الأذرعي: لم أر فيه شيئا وهو موضع تأمل اه‍. والظاهر كما قاله بعض المتأخرين عدم الالحاق لأن المال لغيره، وفي الثانية يقول لم ينتفع الأصيل بالأداء لترك الاشهاد. وأجيب بأنه المقصود بترك الاشهاد، وهذا ظاهر إذا لم يشرط عليه الاشهاد، فإن شرطه عليه فيظهر أنه لا يرجع لعدم توفيته بالشرط. ويقاس بما ذكر في الضامن المؤدي في الأحوال المذكورة.
خاتمة: لو قال: أشهدت بالأداء شهودا وماتوا أو غابوا أو طرأ فسقهم فكذبه الأصيل في الاشهاد، فالقول قول الأصيل بيمينه، لأن الأصل عدم براءة ذمته وعدم الاشهاد، وإن كذبه الشهود فكما لم لو يشهد. فإن قيل: لو أقرت امرأة بنكاح بحضرة شاهدين فكذباها لا يقدح في إقرارها فهلا كان هنا كذلك أجيب بأنها ثم لو أقرت بحق عليها فلم يلغ بإنكارهما، وهذا هنا يريد أن يثبت له حقا. ولو قال الشهود: لا ندري وربما نسينا، لا رجوع كما رجحه الامام وجعله أولى بذلك من دعواه موت الشاهد. ولو باع من اثنين شيئا وشرط أن يكون كل منهما ضامنا للآخر بطل البيع، قال السبكي: ورأيت ابن الرفعة في حسبته يمنع أهل سوق الرقيق من البيع مسلما، ومعناه إلزام المشتري بما يلحق البائع من الدلالة وغيرها، قال:
ولعله أخذه من هذه المسألة ولا يختص ذلك بالرقيق. وهذا إن كان مجهولا فإن كان معلوما فلا، وكأنه جعله جزءا من الثمن، بخلاف مسألة ضمان أحد المشتريين للآخر لا يمكن فيها ذلك. قال الأذرعي: لكنه هنا شرط عليه أمرا آخر، وهو أن يدفع كذا إلى جهة كذا فينبغي أن يكون مبطلا مطلقا اه‍. وهذا هو الظاهر.
كتاب الشركة بكسر الشين وسكون الراء، وحكي فتح الشين وسكون الراء وكسرها، وشرك بلا هاء. قال تعالى: * (وما لهم فيهما من شرك) * أي نصيب. وهي لغة: الاختلاط، وشرعا: ثبوت الحق في شئ لاثنين فأكثر على جهة الشيوع. والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى: * (واعلموا إنما غنمتم من شئ) * الآية، وخبر السائب بن زيد كان شريك النبي (ص) قبل المبعث وافتخر بشركته بعد المبعث، وخبر: يقول الله تعالى أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما رواه أبو داود والحاكم وصحح إسنادهما. والمعنى: أنا معهما بالحفظ والإعانة، فأمدهما بالمعونة في أموالهما، وأنزل البركة في تجارتهما، فإذا وقعت بينهما الخيانة رفعت البركة والإعانة عنهما، وهو معنى خرجت من بينهما. ومقصود الباب شركة تحدث بالاختيار بقصد التصرف وتحصيل الربح، وليست عقدا مستقلا
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429