مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٩٣
على ما يحتاج إليه ما يعمره بتقدير هدمه ويشتري له بالباقي عقارا ويقفه لأنه أحفظ له، لا بشئ من الموقوف على عمارته، لأن الواقف وقف عليها.
فرع: تقدم عمارة الموقوف على حق الموقوف عليهم لما في ذلك من حفظ الوقف، ويشرف ريع الموقوف على المسجد وقفا مطلقا أو على عمارته في البناء والتجصيص المحكم والسلم والبواري للتظليل بها والمكانس ليكنس بها والمساحي لينقل بها التراب، وفي ظلة تمنع إفساد خشب الباب بمطر ونحوه إن لم يضر بالمارة، وفي أجرة قيم لا مؤذن وإمام وحصر ودهن، لأن القيم يحفظ العمارة بخلاف الباقي. فإن كان الوقف لمصالح المسجد صرف من ريعه لمن ذكر لا في التزويق والنقش، بل لو وقف عليها لم يصح كما مرت الإشارة إليه، ولا يصرف لحشيش السقف ما عين لحشيش الحصر ولا عكسه. ولأهل الوقف المهايأة لا قسمته، وإن قلنا القسمة إفراز لما فيه من تغيير شرط الواقف ولا تغييره عن هيئته كجعل البستان دارا أو حماما إلا أن يشرط الواقف العمل بالمصلحة فيجوز التغيير بحسبها عملا بشرطه. قال السبكي:
والذي أراه تغييره في غير ذلك بثلاثة شروط: أن يكون يسيرا لا يغير مسمى الوقف، وأن لا يزيل شيئا من عينه بل ينقل نقضه من جانب إلى جانب، وأن يكون فيه مصلحة للوقف. وعليه ففتح شباك الطبرسية في جدار الجامع الأزهر لا يجوز إذ لا مصلحة للجامع فيه، وكذا فتح أبواب الحرم، لأنه إنما هو لمصلحة السكان.
فصل: في بيان النظر على الوقف: وشرط الناظر ووظيفته (إن شرط الواقف النظر) على وقفه (لنفسه أو غيره) واحدا كان أو أكثر، (اتبع) شرطه سواء فوضه له في حال حياته أم أوصى به لأنه المتقرب بالصدقة فيتبع شرطه كما يتبع في مصارفها وغيرها. ولو جعل ولاية وقفه لفلان فإن مات فلفلان جاز. وقد كان عمر رضي الله تعالى عنه يلي أمر صدقته، ثم جعله إلى حفصة تليه ما عاشت، ثم يليه أولو الرأي من أهلها رواه أبو داود، ولقبول المشروط له النظر حكم قبول الوكيل بجامع اشتراكهما في التصرف وفي جواز الامتناع منهما بعد قبولهما فلا يشترط قبوله لفظا.
(وإلا) أي وإن لم يشرطه لاحد، (فالنظر للقاضي على المذهب) لأن له النظر العام فكان أولى بالنظر فيه، ولان الملك في الوقف لله تعالى، والطريق الثاني ينبني على أقوال الملك والخلاف في الروضة كأصلها وجهان. ولو بنى مسجدا ببلد ووقف عليه وقفا ببلد آخر ولم يشرط النظر لاحد وقلنا بالمذهب إن النظر للحاكم كان النظر على المسجد لحاكم بلده وعلى الموقوف لحاكم بلده. ووقع بعد تولية القضاة الأربعة فتوى فيمن شرط النظر لزيد ثم لحاكم المسلمين بدمشق. وأفتى الفزاري بأن النظر المشروط للحاكم لا يختص بحاكم معين ونوزع في ذلك، واختار السبكي اختصاص الشافعي بالنظر في الأوقاف التي شرطت للحاكم، والتي سكت عن نظرها، والتي آل نظرها إلى الحاكم، قال: لأن القاضي الشافعي وهو المفهوم عرفا عند الاطلاق، فمتى قيل القاضي من غير تعيين فهو الشافعي، وإن أريد غيره قيدوه، وقد استقر ذلك في الديار المصرية وبسط القول في ذلك. (وشرط الناظر العدالة) وإن كان الوقف على معينين رشداء لأن النظر ولاية كما في الوصي والقيم. قال السبكي: ويعتبر في منصوب الحاكم العدالة الباطنة، وينبغي أن يكتفي في منصوب الواقف بالظاهرة كما في الأب وإن افترقا في وفور شفقة الأب، وخالف الأذرعي فاعتبر فيه الباطنة أيضا، والأول أوجه. (و) شرطه أيضا (الكفاية) وفسرها في الذخائر بقوة الشخص وقدرته وعلى التصرف فيما هو ناظر عليه ، فإن اختلت إحداهما نزع الحاكم الوقف منه وإن كان المشروط له النظر الواقف. وقضية كلام الشيخين أن الحاكم يتولاه استقلالا فيوليه من أراد، وأن النظر لا ينتقل لمن بعده إذا شرط الواقف النظر لانسان بعد آخر، أي إلا أن ينص عليه الواقف كما قاله السبكي وغيره، فإن زال الاختلال عاد نظره إن كان مشروطا في الوقف منصوصا عليه بعينه كما ذكره المصنف في فتاويه وإن اقتضى كلام الإمام خلافه، وما في الفتاوى يدل على أنه لا ينفذ عزله من نفسه ولا من غيره وهو كذلك من غيره أو من نفسه إذا تعين.
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429