مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٧١
ويقاس بذلك ما في معناه. (وإذا أعار للبناء أو الغراس ولم يذكر مدة) بأن أطلق (ثم رجع) بعد أن بنى المستعير أو غرس، (إن كان) المعير (شرط) عليه (القلع) فقط أو شرطه (مجانا) أي بلا أرش لنقصه، (لزمه) قلعه عملا بالشرط، فإن امتنع فللمعير القلع. ويلزم المستعير تسوية الحفر إن شرطت، وإلا فلا.
تنبيه: قوله: مجانا كذا هو في الروضة وكتب الرافعي، قال السبكي والأسنوي: والصواب حذفه كما فعله جمهور الأصحاب، فإنه يقتضي لولا الذي قدرته فيه أنه لا يؤمر بالقلع مجانا إلا عند التنصيص عليه، وليس مرادا فإنه خلاف ما نص عليه في الام والمختصر. ولعل المصنف احترز به عما لو شرط القلع وغرامة الأرش فإنه يلزمه، ولو اختلف المعير والمستعير هل شرط القلع بأرش أو لا؟ فقال الأذرعي: الظاهر تصديق المعير كما لو اختلفا في أصل العارية لأن من كان القول قوله في شئ كان القول قوله في صفته. (وإلا) أي وإن لم يشرط عليه القلع، (فإن اختار المستعير القلع قلع) بلا أرش لأنه ملكه وقد رضي بنقصانه، (ولا يلزمه تسوية الأرض في الأصح) في المحرر، لأن الإعارة مع العلم بأن للمستعير أن يقلع رضا بما يحدث من القلع. (قلت: الأصح تلزمه) التسوية (والله أعلم) لأنه قلع باختياره. ولو امتنع منه لم يجبر عليه فيلزمه إذا قلع رد الأرض إلى ما كانت عليه ليرد كما أخذ، وهذا هو الأظهر في الشرحين، وقال في الروضة: إنه قول الجمهور وإن ما في المحرر ضعيف، وقال السبكي: إن كان الكلام في حفر حصلت في مدة العارية لأجل الغرس والبناء فالامر كما في المحرر، وإن كان في حفر حصلت من القلع زائدة على ما حصل قبل ذلك، فالراجح وجوب التسوية، ثم قال: فتلخص للفتوى الفرق بين الحفر لأجل الغراس والبناء وبين الحفر للقلع، وهذا الحمل متعين.
تنبيه: محل الخلاف كمقاله ابن الملقن: إذا كانت الحفر الحاصلة في الأرض على قدر الحاجة، فإن كانت زائدة على حاجة القلع لزمه طم الزائد قطعا. (وإن لم يختر) أي المستعير القلع (لم يقلع) أي المعير (مجانا) لأنه وضع بحق فهو محترم، (بل للمعير الخيار بين أن يبقيه بأجرة) أي أجرة مثله (أو يقلع ويضمن أرش النقص) وهو قدر التفاوت ما بين قيمته قائما ومقلوعا كما في الكفاية. (قيل: أو يتملكه) أي بعقد ولا يلحق بالشفيع كما يؤخذ في كلام الرافعي. (بقيمته) أي مستحق القلع حين التملك كما قاله العمراني، فإن قيمته تنقص على هذا التقدير. ووجه مقابله إن ذلك بيع، فلا بد فيه من التراضي.
وتخييره بين الثلاث هو المعتمد وفاقا للإمام والغزالي وصاحب الحاوي الصغير والأنوار وغيرهم ومقتضى كلام الروضة وأصلها في الصلح، خلافا لما فيها هنا من تخصيص التخيير بالأول والثالث. وأما وقع في الكتاب تبعا لاصله من التخيير بين التبقية بالأجرة وبين القلع مع غرامة الأرش دون التملك بالقيمة لم يذكراه في الشرحين والروضة وجها فضلا عن تصحيحه بل لم يذكره غيرهما إما يوهمه كلام التنبيه، بل قال الزركشي تبعا للبلقيني: ليس في المسألة خلاف كما زعمه الشيخان، بل الكل متفقون على التخيير بين الثلاث، ونسبه الإمام إلى كافة الأصحاب.
تنبيه: محل التخيير بين الثلاث إذا كان في الأرض نقص وكان المعير غير شريك ولم يكن على الغراس ثمر لم يبد صلاحه، وإلا فيتعين القلع في الأول والتبقية بأجرة المثل في الثاني وتأخير التخيير إلى بعد الجداد كمال الزرع في الثالث لأن له أمدا ينتظر، وإذا لم يرض الشريك في الثاني بالأجرة أعرض الحاكم عنهما. ومحله أيضا إذا لم يوقف البناء والغراس، وإلا قال ابن الرفعة وغيره: فيتعين تبقيتهما بالأجرة، والزركشي: يتخير بين ذلك وبين قلعهما بالأرش، وهذا أوجه. ومحله أيضا إذا لم يوقف الأرض وإلا فيتخير بين الثلاث، لكن لا يقلع بالأرش إلا إذا كان أصلح للوقف من التبقية بالأجرة، ولا يتملك بالقيمة إذا كان في شرط الواقف جواز تحصيل مثل ذلك البناء والغراس من ريعه، وبذلك
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429