مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٨٣
المارين، بخلاف المفسد المملوك فليس له ذلك بغير إذن أهله كما يؤخذ مما سيأتي في وضع الجناح بغير إذن أهله، فإن فعل ما منع منه أزيل لقوله (ص): لا ضرر ولا ضرار في الاسلام رواه ابن ماجة وغيره وهو حسن، والمزيل له الحاكم لا كل أحد لما فيه من توقيع الفتنة، لكن لكل أحد مطالبته بإزالته لأنه من إزالة المنكر.
تنبيه: ما أفهمه من جواز إخراج الجناح غير المضر هو في المسلم أما الكافر فليس له الاشراع إلى شوارع المسلمين على الصحيح وإن جاز استطراقه، لأنه كإعلاء البناء على المسلم في المنع. قال في المطلب: وسلوك أهل الذمة طرقات المسلمين ليس على استحقاق ملك بل إما بطريق التبع للمسلمين أو بما يبذلونه من الجزية إذا قلنا إنها في مقابلة سكنى الدار، ويجري الخلاف في آبار حشوشهم إذا أرادوا حفرها في أفنية دورهم. قال الأذرعي: ويشبه أن لا يمنعوا من إخراج الجناج ولا من حفر آبار حشوشهم في محالهم وشوارعهم المختصة بهم دار الاسلام كما في رفع البناء، وهي بحث حسن. وقضية إطلاق المصنف جواز إخراج الجناح إلى الطريق بشرط أنه يجوز إخراج جناح تحت جناح صاحبه، إذ لا ضرر، أو فوقه إن لم يضر بالمار على جناح صاحبه، أو مقابله إن لم يبطل انتفاع صاحبه، وكذا موضعه أيضا إذا انهدم أو هدمه، وإن كان على عزم إعادته ولو بحيث لا يمكن معه إعادته وهو كذلك، كما لو قعد لاستراحة ونحوها في طريق واسع ثم انتقل عنه يجوز لغيره الارتفاق به ويصير أحق به. فإن قيل: قياس اعتبار الاعراض في القعود فيه للمعاملة بقاء حقه هنا إذا عاد إليه كما بحثه الرافعي. أجيب بأن إشراع الجناح إنما يكون بطريق التبع لاستحقاق الطروق وعند سقوط استحقاق الطروق ثابت لكل المسلمين، فذلك من كان أحق به لمشاركته في السبب والانتفاع بالمقاعد ليس تبعا لغيره، فلذلك من سبق كان أحق به ما لم يعرض عنه، وبأن المعاملة لا تدوم بل الانتقال عنها ثم العود إليها ضروري فاعتبر الاعراض بخلاف ما هنا فاعتبر الانهدام. نعم يستثنى من ذلك ما لو بنى دارا في موات وأخرج لها جناحا ثم بنى آخر دارا تحاذيه واستمر الشارع، فإن حق الأول يستمر، وإن انهدم جناحه فليس لجاره أن يخرج جناحه إلا بإذنه لسبق حقه بالاحياء، ومن سبق إلى أكثر الهواء كأن أخذ هواء الطريق لم يكن للآخر منعه. وحكم الشارع الموقوف حكم غيره فيما مر كما اقتضاه كلام الشيخين، وإن توقف فيه في المطلب. والطريق ما جعل عند إحياء البلد أو قبله طريقا أو وقفه المالك ولو بغير إحياء كذلك، وشرح في الروضة نقلا عن الامام بأنه لا حاجة في ذلك إلى لفظ. قال في المهمات: ومحله فيما عدا ملكه، أما فيه فلا بد من لفظ يصير به وقفا على قاعدة الأوقاف اه‍. وهذا ظاهر. وحيث وجدنا طريقا اعتمدنا فيه الظاهر، ولا يلتفت إلى مبدأ جعله طريقا. فإن اختلفوا عند الاحياء في تقديره، قال المصنف: جعل سبعة أذرع لخبر الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: قضى رسول الله (ص) عند الاختلاف في الطريق أن يجعل عرضه سبعة أذرع. وقال الزركشي:
مذهب الشافعي اعتبار قدر الحاجة والحديث محمول عليه اه‍. وهذا ظاهر، فإن كان أكثر من سبعة أو من قدر الحاجة على ما مر لم يجز لاحد أن يستولي على شئ منه وإن قل، ويجوز إحياء ما حوله من الموات بحيث لا يضر بالمار. أما إذا كانت الطريق مملوكة يسبلها مالكها فتقديرها إلى خيرته، والأفضل له توسيعا. (ويحرم الصلح على إشراع الجناح) أو الساباط بعوض وإن صالح عليه الامام، لأن الهواء لا يفرد بالعقد. وإنما يتبع القرار كالحمل عن الام ولأنه إن ضر لم يجز فعله وإن لم يضر فالمخرج مستحقه وما يستحقه الانسان في الطريق لا يجوز أخذ العوض عنه كالمرور. (و) يحرم (أن يبنى في الطريق دكة) بفتح الدال: أي مصطبة أو غيرها. (أو يغرس شجرة) ولو اتسع الطريق وأذن الامام وانتفى الضرر، لمنع الطروق في ذلك المحل ولتعثر المار بهما عند الازدحام، ولأنه إن طالت المدة أشبه موضعهما الاملاك وانقطع أثر استحقاق الطروق فيه بخلاف الأجنحة ونحوها. واستشكل التعليل الأول بجواز غرس الشجرة بالمسجد مع الكراهة، والثاني بجواز فتح الباب إلى درب منسد إذا سمره. وأجيب عن الأول بأن محل جواز غرس الشجرة بالمسجد إذا كان لعموم المسلمين، بدليل أنهم لا يمنعون من الاكل من ثمارها، وقضيته جواز مثل ذلك في الشارع حيث لا ضرر وهو كذلك. وعن الثاني بأن الحق في الدرب المنسد لخاص وهو قائم على ملكه وحافظ له بخلاف الشارع، فانقطاع الحق عند
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429