مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٩١
تتمة: لصاحب العلو بناء السفل بماله ويكون المعاد ملكه، ويأتي فيه ما مر في الجدار المشترك، ولصاحب السفل السكنى في المعاد لأن العرصة ملكه، وليس له الانتفاع به بفتح كوة وغرز وتد ونحوهما، وللأعلى هدمه لأنه ملكه وكذا للأسفل إن بناه الاعلى قبل امتناع الأسفل من البناء ما لم يبن الاعلى علوه، فإن بناه فللأسفل تملك السفل بالقيمة وليس له هدمه، أما إذا بنى السفل بعد امتناع الأسفل فليس له تملكه ولا هدمه لتقصيره، سواء أبنى عليه الاعلى علوه أم لا. ويؤخذ من هذه أن له البناء بآلة نفسه وإن لم يمتنع الأسفل منه، ومثله الشريك في الجدار المشترك ونحوه، وهو كذلك، وإن قيل في ذلك وقفة. ولصاحب العلو وضع الأثقال المعتادة على السقف المملوك للآخر أو المشترك بينهما، وللآخر الاستكنان به والتعليق المعتاد به كثوب ولو بوتد يتده، لأنا لو لم نجوز له ذلك لعظم الضرر وتعطلت المنافع. فإن قيل: قد مر أن الجدار المشترك ليس لأحد الشريكين أن ينتفع به بما يضايق فيه عادة فكان ينبغي أن يكون هنا كذلك؟ أجيب بأن الاعلى ثبت له الانتفاع قطعا فثبت للأسفل ذلك تسوية بينهما، وفي الجدار لم يثبت لأحدهما ذلك فلم يثبت للآخر تسوية بينهما. ويجوز غرز الوتد لصاحب العلو فيما يليه في أحد وجهين، قال شيخنا: هو الظاهر. (ويجوز أن يصالح على إجراء الماء، و) على (إلقاء الثلج في ملكه) أي المصالح معه، (على مال) لأن الحاجة تدعو إلى ذلك لكن محله في الماء المجلوب من نهر ونحوه إلى أرضه، والحاصل إلى سطحه من المطر. أما غسالة الثياب والأواني فلا يجوز الصلح على إجرائها على مال لأنه مجهول لا تدعو الحاجة إليه، وإن خالف في ذلك البلقيني وقال: إن الحاجة إليه أكثر من حاجة البناء على الأرض. وشرط المصالحة على إجراء ماء المطر على سطح غيره أن لا يكون له مصر ف إلى الطريق إلا بمروره على سطح جاره، قاله الأسنوي. ومحل الجواز في الثلج إذا كان في أرض الغير لا في سطحه لما فيه من الضرر. ويشترط معرفة السطح الذي يجري منه الماء، سواء أكان ببيع أو إجارة أو إعارة، لأن المطر يقل بصغره ويكثر بكبره ومعرفة قدر السطح الذي يجري إليه وقوته وضعفه فإنه قد يتحمل قليل الماء دون كثيره، ولا يضر الجهل بقدر ماء المطر لأنه لا يمكن معرفته لأنه عقد جوز للحاحة.
ثم إن عقد على الأول بصيغة الإجارة فلا بد من بيان موضع الاجراء وبيان طوله وعرضه وعمقه وقدر المدة إن كانت الإجارة مقدرة بها، وإلا فلا يشترط بيان قدرها كنظيره فيما مر في بيع حق البناء. ولا بد أن يكون الموضع محفورا وإلا فلا يصح، لأن المستأجر لا يملك الحفر. وإن عقد بصيغة البيع بأن قال: بعتك مسيل الماء وجب بيان الطول والعرض لا بيان العمق لأنه ملك القرار، أو بعتك حق مسيل الماء فكما مر في بيع حق البناء. وإن عقد بصيغة الصلح انعقد بيعا كما اقتضاه كلام الكفاية، ولا حاجة في العارية إلى بيان لأنه يرجع فيها متى شاء والأرض تحمل ما تحمل بخلاف السقف كما مر. وليس للمستحق في المواضع كلها دخول الأرض من غير إذن مالكها إلا لتنقية النهر، وعليه أن يخرج من أرضه ما يخرجه من النهر تفريعا لملك غيره. وليس لمن أذن له في إجراء المطر على السطح أن يطرح الثلج عليه ولا أن يترك الثلج حتى يذوب ويسيل إليه، ومن أذن له في إلقاء الثلج لا يجري المطر ولا غيره، ولو كان مجرى ماء في ملك غيره فادعى المالك أنه كان عارية قبل قوله كما أفتى به البغوي. واحترز المصنف بقوله: إجراء الماء عن الماء، كما لو كان له نهر جار فصالحه إنسان على أن يسقي زرعه منه بساقية لم يصح لأن المعقود عليه الماء والمملوك الماء الموجود دون ما ينبع، والخيلة فيه كما قاله القاضي حسين أن يبيع قدرا من النهر والماء تابع.
تنبيه: قد يفهم من قوله: في ملكه أنه قيد، وليس مرادا، بل يجوز ذلك في الأرض الموقوفة والمستأجرة، لكن يعتبر هنا التأقيت لأن الأرض غير مملوكة فلا يمكنه العقد عليها مطلقا، وأن يكون هناك ساقية، إذ ليس له إحداث ساقية أبدا.
فرعان: الأول: المصالحة عن قضاء الحاجة من بول أو غائط، وطرح الكناسة في ملك الغير على مال عقد فيه شائبة بيع وإجارة، وكذا المصالحة عن المبيت على سقف غيره. الثاني: للشخص تحويل أغصان شجرة لغيره مالت
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429