مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٥
واما التصديقات فهي المقدمات التي يبتنى عليها ذلك العلم، وهى مع الحدود تسمى أوضاعا، فمنها يقينية ومنها مسلمة ايمانا وعلى حسن الظن بالمخبر، وتقدم (1) في ذلك العلم وتسمى أصولا موضوعة ونحو ذلك (2) مما يدل على ما ذكرنا.
ومنها مسلمة في الوقت إلى أن يتبين في موضع آخر، وفي نفس السامع والمتعلم منها شك (3) حتى يتضح له فيما بعد، اما ببرهان نظري أو فطرى الهى ويسمى مصادرات. ومتى كان موضوع علم أخص من موضوع علم آخر يقال له انه تحته، كالعلم الكوني بالنسبة إلى العلم الرباني وكالعلم الطبي بالنسبة إلى العلم الطبيعي ونحو ذلك.
واما المسائل: فهي المطالب التي يبرهن عليها ويقصد اثباتها عند المخاطب، وهى (4) اما أصول حاصرة لما يحوى عليه (5) ذلك العلم - كالأجناس (6) بالنسبة إلى ما تحتها - واما فروع تحت الأصول - كالأنواع وأنواع الأنواع - فمتى عرفت الأصول والأمهات واحكامها واتضحت، عرفت نسبة الفروع إليها (7) وصورة تبعيتها لها واندارجها تحتها.
وإذا تقرر ذلك المذكور فنقول: العلم الإلهي له الإحاطة بكل علم - إحاطة متعلقة (8) - وهو الحق بكل شئ وله، أي وللعلم الإلهي موضوع ومباد ومسائل:

- الفروع على الأقسام والجزئيات ويجعل عطف تفاصيله على فورعه من قبيل العطف التفسيري، وان حمل الشارح على الاحكام والثمرات، ولكن الاحكام داخلة في قوله: واعراضه، فتدبر - ش (1) - أي المقدمات المسلمة - ش وتقدم مسلمة في - ج (2) - كالأصول المقبولة والمسلمة وغير ذلك من التعبيرات - ش (3) - مبتداء مؤخر، وفي نفس السامع خبر مقدم. والمراد من الفطري الإلهي هو البرهان المركب من المقدمات الكشفية الالهامية ويمكن ان يكون العطف للمغايرة، فعلى هذا فالمراد بالفطري على ما قيل ما حصل له باقتضاء حاله وصفاء استعداده بحسب تعمل وتوجه من جهته، ومن الإلهي ما حصل له بلا تعمل واستعداد غير مجعول بل بوجه خاص بينه وبين الحق ولا يعرفه الا الكمل، ويمكن ان يكون المراد بالإلهي ما حصل له من إبقاء (إلقاء) الوسائط من السلسلة الطويلة من النفوس الكلية والعقول المجردة، والمراد من الفطري ما يحصل له بلا واسطة من الوجه الخاص. تدبر - ش (4) - أي المسائل - ش (5) - الضمير راجع إلى لفظ ما - ش (6) - أي كحصر الأجناس والأنواع والاشخاص، ولما كان الجنس والنوع من أحوال التصورات دون التصديقات فقال كالأجناس وكالأنواع على سبيل المشابهة - ش. (7) - أي معرفتك باستخراج الفروع من القوة إلى الفعل بجعل الأصول، كبرى لصغرى سهلة الحصول - ش (8) - بصيغة المفعول - ش
(٥)
الفهرست