مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة مقدمة المصحح ١٨
واما ما شاهدته وذقته وجربته من ذوق شيخنا رضي الله عنه وارضاه فاعظم وأعلى من أن يتسلق الفهوم إليه أو يستشرف العقول عليه، فإنه كان يستجلى المعلومات الإلهية في حضرة العلم ويخبر عن كيفية تبعية العلم للمعلوم وكون العلم لا أثر له في المعلوم، بل المعلوم يعين تعلق علم العالم به ويعطيه ذلك من ذاته... شاهدت ذلك منه في غير واحد وفى غير قضية من الأمور الإلهية والكونية واطلعت بعد فضل الله وببركته على سر القدر ومحتد الحكم الإلهي على أشياء، وبشرني بالإصابة في الحكم بعد ذلك في ما احكم به بسبب هذا الاطلاع ونيل ما يتعلق الإرادة بوقوعه بموجب هذا الكشف الاعلى، فلم ينخرم الامر على ولم ينسخ هذا الحكم، والحمد لله المنعم المفضل.
وقال في فك الشعيي: أخبرت من جانب الحق ان القدم الموضوع في جهنم هو الباقي في هذا العالم من صور الكمل مما لم يصحبهم في النشأة الجنانية، وكنى عن ذلك الباقي بالقدم، لمناسبة شريفة لطيفة.
وقال في فك العزيزي: واما المثال هذه الأرواح الكلية المقدسة الكاملة، فإنها لا يشغلها شأن عن شأن ولا يحجبها عالم عن عالم، لأنها ليست محبوسة في البرزخ، بل لها تمكن الظهور في هذا العالم متى شائت، فلم يعرض عن هذا العالم بكل وجه، وقد تحققنا ذلك وشاهدناه ورأينا جماعة قد شاهدوا ذلك وكان شيخنا رضي الله عنه يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن شاء ممن هذه صفته من المنتقلين إلى دار الآخرة متى شاء من ليل أو نهار، وجربت ذلك غير مرة.
وقال في فلك المحمدي، واعلم انى لو شرعت في ايضاح هذه الاسرار لطال الكلام، ولكن سأذكر نموذجا ترقى به بعد تأييد الله وتوفيقه إلى الاطلاع على مالم تعهده من ذوق أحد من المتقدمين ولا لعمري سطر في كتاب، والحمد لله المنعم.
وله - قدس سره - في الإمامة رأى خاص وضح هذا الامر في فك الهاروني، ونحن ننقل عين كلامه من هناك ليستبصر القارئ العزيز. قال: اعلم أن الإمامة المذكورة في هذا الموضع ومثله فإنما تذكر باعتبار انها لقب من ألقاب الخلافة ولها التحكم والتقدم، وهى تنقسم من وجه إلى امامة لا وساطة بينها وبين الحضرة الألوهية والى امامة ثابتة بالواسطة، والخالية عن الواسطة قد تكون مطلقة عامة الحكم في الوجود وقد تكون مقيدة، بخلاف الإمامة الثابتة
(مقدمة المصحح ١٨)
الفهرست