عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٢٢
أحدهما أن أبا بكر عهد بها إلى عمر فأثبت المسلمون إمامته بعده.
والثاني أن عمر عهد بها إلى أهل الشورى فقبلت الجماعة دخولهم فيها وهم أعيان العصر اعتقادا بصحة العهد بها (1).
ويقول ابن خلدون: ثم إن نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين لأن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر وتسليم النظر إليه في أمورهم، وكذا في كل عصر بعد ذلك، ولم يترك الناس في عصر من الأعصار واستقر ذلك إجماعا دالا على وجوب نصب الإمام.. (2).
ويقول النسفي: المسلمون لا بد لهم من إمام يقوم بتنفيذ أحكامهم وإقامة حدود هو سد ثغورهم وتجهيز جيوشهم وأخذ صدقاتهم وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطرق وإقامة الجمع والأعياد وقطع المنازعات الواقعة بين العباد وقبول الشهادات القائمة على الحقوق وتزويج الصغار والصغائر الذين لا أولياء لهم وقسمة الغنائم ونحو ذلك من الأمور التي لا يتولاها آحاد الأمة (3).
وقد أجمع فقهاء السنة على أن نصوص القرآن والسنة أوجبت إقامة إمام للجماعة الإسلامية لكنهم يعتبرون هذا الوجوب ليس من باب الفريضة التي تجعل من مسألة الإمامة أصلا من أصول الإسلام أو جزءا من الاعتقاد وإنما جعلوا الإيمان بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي جزءا من الاعتقاد.
ورغم اعتقاد أهل السنة بخلافة الإمام علي وحساسيتهم الشديدة تجاه من يسمون الخلفاء الثلاثة بشئ من النقد إلا أن محاولتهم رفع مقام معاوية واختراع المناقب وتبرير تجاوزاته معه واتنهاكاته لحقوقه كإمام وكذلك تبرير تجاوزات الآخرين.. محاولتهم هذه تتناقض مع هذا الاعتقاد الذي تفوح منه رائحة التحيز للثلاثة.

(1) الأحكام السلطانية.
(2) المقدمة، لابن خلدون.
(3) العقائد النسفية شرح التفتازاني.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست