عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٢٤
وبالطبع لم يكن أمام الفقهاء سوى اختيار هذا الطريق إذ أن اشتراطهم العلم والاجتهاد في الحاكم سوف يؤدي إلى صدامهم مع حكام زمانهم ورفضهم، لكنهم قبلوا الاعتراف بالحكام الجهال كما قبلوا الاعتراف بالحكام الفجار ومغتصبي السلطة.
ويعتبر أهل السنة أن الذي يغتصب السلطة يجب إقراره وطاعته لأن رفضه والخروج عليه يعتبر مفسدة أعظم من مفسدة حكمه.
وهذا الموقف نابع من معايشة الفقهاء للأنظمة الوراثية الأموية والعباسية وغيرها والتي قتلت في ظلها روح الشورى وجعلت القتل والتآمر وسيلة الوصول إلى الحكم.
وليس هناك من حرج في هذا، فالفقهاء على الأبواب ينتظرون نتيجة أي صراع داخل العائلة الحاكمة أو خارجها ليباركوا المنتصر ويضفوا عليه الشرعية ويدعوا الرعية إلى طاعته وعدم السعي لإعادة المغلوب لأن في ذلك مفسدة أكبر.
فلا يجوز إذن إن يخلع الإمام بسبب الظلم أو الفسق أو غصب الأموال وضرب الابشار وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود، فهذا أمر قد أقره جمهور الفقهاء، فمن ثم يعد من الإجماع الواجب التقيد به واعتقاده (1).
وهناك رواية على لسان الرسول صلى الله عليه وآله توجب طاعة الإمام وإن جلد ظهرك وأخذ مالك (2).
وإذا كان الأمر كذلك فما هي وظيفة الإمام إذن..؟
إن مثل هذا الاعتقاد عند أهل السنة إنما هو أحد الموروثات السياسية التي لا سند لها من النصوص القطعية وإنما سندها الوحيد هو الأحاديث المخترعة (3).

(1) أنظر الأحكام السلطانية والتمهيد للباقلاني.
(2) أنظر مسلم كتاب الإمارة.
(3) أنظر لنا أحاديث نبوية اخترعتها السياسة.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست