عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٢٦
فلن نجد حاكما واحدا حفظ الدين على وجهه الصحيح. أما حفظ الدين حسب منهج بني أمية وبني العباس الذي أقره السلف فهو أمر قد تحقق بالفعل ولا يزال متحققا على أيدي آل سعود وحكام النفط وغيرهم.
أما تنفيذ الأحكام وقطع الخصام هذه مهمة تكبرهم بكثير لأنهم كانوا جهلاء لا شأن لهم بالعلم الشرعي ولا يملكون آلة الاجتهاد، والمنفذ الفعلي لهذه المهمة هم القضاة، وحماية البلاد وتأمينها قام بها البعض وتقاعس آخرون.
وإقامة الحدود على أيديهم غير أمر معهود لجهلهم أولا.. واستحقاق إقامة الحدود عليهم ثانيا.
وتحصين الثغور والجهاد قام به الرعية والجنود وليس للحكام فضل في هذا. أم جباية الفيئ والصدقات فهو أمر قد تفانوا فيه وبذلوا فيه غاية الجهد حتى يضمنوا لأنفسهم رغد العيش والحياة في القصور والتسلي مع الحور.
واستكفاء الأمناء وتقليد النصحاء ومباشرة الأمور فلا أظن أن هناك عاقلا يقول إن هذه من مهمات الحكام.
فلو أحاط الحكام أنفسهم بالأمناء وقلدوا الأمور للنصحاء وباشروا أمور الرعية بما يرضي الله لقاموا بوظيفتهم، لكن شيئا من ذلك لم يحدث إلا في النادر.
ومما سبق يتبين لنا أن الإمام أو الخليفة أو أمير المؤمنين في نظر أهل السنة من السهل عليه أن يحكم ومن السهل عليه أن يطاع دون أن يؤدي وظيفته.
ومنهج أهل السنة يقوم على أساس إحسان الظن بالإمام (الحاكم) وتبرير ممارساته ومواقفه المتناقضة مع الشرع.
ويروى عن أبي يوسف: أنه لما حج مع هارون الرشيد فاحتجم الخليفة، وأفتاه مالك بأنه لا يتوضأ وصلى بالناس فقيل لأبي يوسف: أصليت خلفه؟
قال: سبحان الله. أمير المؤمنين. يريد بذلك أن ترك الصلاة خلف ولاة الأمور من فعل أهل البدع (1).

(1) العقيدة الطحاوية.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست