شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٧٨
ولم أطلع على كتابه هذا، وإنما اطلعت له على قصيدة بليغة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم تعرض فيها للرد على هذه الفرقة المفتونة فرقة ابن تيمية بقوله:
يا صاحب الجاه عند الله خالقه * مارد جاهك إلا كل أفاك أنت الوجيه على رغم العدا أبدا * أنت الشفيع لفتاك ونساك يا فرقة الزيغ لا لقيت صالحة * ولا شفى الله يوما قلب مرضاك ولا حظيت بجاه المصطفى أبدا * ومن أعانك في الدنيا ووالاك ومنهم الإمام الكبير الشهير تقي الدين السبكي الشافعي. قال رحمه الله تعالى في كتابه [شفاء السقام في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام]:
اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين، ولم ينكر أحد ذلك من أهل الإيمان ولاس مع به في زمن من الأزمان حتى جاء ابن تيمية، فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما يسبق إليه في سائر الأعصار، وحسبك أن إنكار ابن تيمية للاستغاثة والتوسل قول لم يقله عالم قبله وضار به بين أهل الإسلام مثلة، وقد وقفت له على كلام طويل في ذلك رأيت من الرأي القويم أن أميل عنه إلى الصراط المستقيم ولا أتبعه بالنقض والإبطال، فإن دأب العلماء القاصدين لإيضاح الدين وإرشاد المسلمين تقريب المعنى إلى أفهامهم وتحقيق مراده وبيان حكمه، ورأيت كلام هذا الشخص بالضد من ذلك فالوجه الإضراب عنه انتهى. وكتابه هذا [شفاء السقام] هو الذي قال فيه الإمام القسطلاني في المواهب اللدنية في مبحث زيارة النبي صلى الله عليه وسلم ما نصه: وللشيخ تقي الدين بن تيمية هنا كلام شنيع عجيب يتضمن منع شد الرحال للزيارة النبوية المحمدية، وأنه ليس من القرب بل بضد ذلك ورد عليه الشيخ تقي الدين السبكي في [شفاء السقام] فشفى سدور المؤمنين ا ه‍. وقد قال في خطبته وضمنت هذا الكتاب الرد على من زعم: يعني ابن تيمية أن أحاديث الزيارة كلها موضوعة وأن السفر إليها بدعة غير مشروعة، وهذه المقالة أظهر فسادا من أن يرد عليها العلماء، ولكني جعلت هذا الكتاب مستقلا في الزيارة وما يتعلق بها مشتملا من ذلك على جملة يعز جمعها على طالبها ا ه‍. وقال بعد ذلك في كتابه المذكور: وهذا الرجل يعني ابن تيمية قد تخيل أن الناس بزيارتهم متعرضون للإشراك بالله تعالى وبنى كلامه كله على ذلك وكل دليل ورد عليه يصرفه إلى غير هذا الوجه، وكل شبهة
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»