شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٨٩
كيف رأيته؟ قال رأيت رجلا علمه أكثر من عقله، وكذا كان ابن المقفع، فإنه قتله قلة عقله وكثرة كلامه شر قتلة ومات شر ميتة. قال الصفدي بعد ما ذكر: قلت وكذا أيضا كان الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى علمه متسع جدا إلى الغاية وعقله ناقص يورطه في المهالك ويوقعه في المضايق انتهى كلام الصفدي.
ومنهم الإمام عبد الرؤوف المناوي الشافعي. قال رحمه الله تعالى في شرح الشمايل: وقول ابن القيم عن شيخه ابن تيمية: إن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما أرى ربه واضعا يديه بين كتفيه أكرم ذلك الموضع بالعذبة رده الشارح: يعني ابن حجر المكي بأنه من قبيح ضلالهما، وهو مبني على مذهبهما من إثبات الجهة والجسمية، تعالى الله عما يقولوا الظالمون علوا كبيرا. قال المناوي بعد ما ذكر وأقول: أما كونهما من المبتدعة فمسلم. وأما كون هذا بخصوصه مبينا على التجسيم فغير مستقيم، ثم استدل لرد ذلك كما رده الشيخ علي القاري في شرحه على الشمايل أيضا، وأطال في الثناء عليهما وتبرئتهما من اعتقاد الجهة والتجسيم، وهو وإن أثنى عليهما من هذه الجهة هنا، لأنه لم يثبت عنده اعتقادهما هذا الاعتقاد الفاسد بل ثبت عنده من مؤلفاتهما خلافه فهو قد ذم ابن تيمية في شرح الشفاء بالعبارة المتقدمة عنه التي ذكر فيها تفريطه بتحريم السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم واستقرب كفر القائل بذلك قائلا لأن تحريم ما أجمع العلماء على استحبابه يكون كفرا، وهذا من ملا علي القاري غاية الذم لابن تيمية فلا ينفع بعده مدحه إياه في شرح الشمايل من جهة أخرى، وإنما ذكرت عبارة المناوي هنا لأنها مصرحة بأن كون ابن القيم وابن تيمية هما من المبتدعة أمر مسلم.
ومنهم صاحبنا العالم العامل الفاضل الكامل الشيخ مصطفى بن أحمد الشطي الحنبلي الدمشقي ألف حفظه الله وجزاه أحسن الجزاء رسالة مخصوصة سماها [النقول الشرعية في الرد على الوهابية] وختمها بخاتمة في تأييد مذهب ساداتنا الصوفية وطبعها ونشرها فمما قاله في المقالة الأولى منها التي تكلم فيها على الاجتهاد: لا شك أن من ادعى ذلك في هذا الزمان عليه أمارة البهتان كما يقع دعوى ذلك من فرقة شاذة نسبت نفسها للحنابلة من جهة نجد التي يخرج منها قرن الشيطان، كما ورد في الحديث حتى إنهم ربما لا يستدلون الإجماع ولا بالقياس أصلا بل يقتصرون على الاستدلال بالكتاب والسنة بلا فهم منهم لشئ من الوجوه السابقة أي شرائط الاجتهاد، ولا معرفة لهم بمبادئ العلوم فضلا عن مقاصدها وأصولها ويعلمون أولادهم من إبان نشأتهم هذه الدعوى ويجرئونهم على الاحتجاجات بظواهر النصوص
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 » »»