شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٩٠
وترك ما وراء ذلك عن جهل ومكابر، وقد ينكرون دعوى الاجتهاد ويحتجون بعبارة شيخ الإسلام ابن تيمية فقط مع أن الإمام المذكور قد خرج من مذهب الحنبلي في عدة مسائل تفرد بها وتهيأ بخصوصها للاجتهاد المطلق إلا أنها لم تدون على كونها مذهبا له كما دونت فروع مسائل المذاهب الأربعة. فمنها ما كان يحب المناظرة فيه ولم يفت به لأحد كمسألة إلغاء مفهوم العدد في الطلاق وأنه يقع واحدة وإن كان بلفظ الثلاث والألف أو الأكثر من ذلك.
ومنها تحريم شد الرحل لغير المساجد الثلاثة. ومنها منع الاستغاثة بالأنبياء والصالحين وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه فليست المسائل المذكورة من مذهب الإمام أحمد ولا ورد فيها رواية عن الإمام أحمد، ونص فقهاء الحنابلة على أنه لا يتابع فيها، فمن ادعى أنه حنبلي المذهب فليس له القول بها كما قالت بها هذه الفرقة المذكورة عن جهل وانطماس بصيرة.
وفقنا الله وإياهم لاتباع سبيل المصطفى عليه الصلاة والسلام الداعي إليها على بصيرة هو ومن اتبعه. انتهت عبارة هذا العالم الحنبلي المنصف بحروفها. وذكر في المقالة الرابعة من هذه الرسالة جواز التوسل والاستغاثة والاستشفاع بالأنبياء والأولياء والصالحين حال حياتهم وبعد مماتهم، وأقام الدليل على ذلك من الكتاب والسنة وعبارات العلماء والفقهاء، ولا سيما فقهاء الحنابلة أهل مذهبه، وذكر حفظه الله في المقالة الخامسة استحباب زيارة القبور وشد الرجل إليها لا سيما زيارة قبره الشريف صلى الله عليه وسلم ونقل النقول الصحيحة الصريحة في ذلك عن علماء الحنابلة وكتبهم المعتمدة: كالمنتهى والإقناع وشرحيهما وصرح بأن ما قاله ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في منع ذلك هو خلاف الصحيح من مذهب الإمام أحمد وأثنى في خاتمة الكتاب على ساداتنا الصوفية رضي الله عنهم وجزاه أحسن الجزاء.
ومنهم الإمام شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي المكي الشافعي: وهو أشدهم ردا على ابن تيمية محاماة عن الدين وشفقة على المسلمين من أن يسري إليهم شئ من غلطاته الفاحشة، ولا سيما فيما يتعلق بسيد المرسلين صل يا لله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن نظر بعين الإنصاف شهد لهذا الإمام ابن حجر بالولاية، وأنه ربما يكون قد أطلعه الله على ما سيحصل في المستقبل من الأضرار العظيمة التي ترتبت على أقوال ابن تيمية من فرقته الوهابية التي هو أصل اعتقادها وأساس فسادها، ولا يخفى ما حصل منها من الأضرار العظيمة في حق المسلمين والإسلام. ولا سيما في الحرمين الشريفين وجزيرة العرب، فمن المحتمل احتمالا قريبا أن يكون الحق سبحانه وتعالى قد أطلع الإمام ابن حجر على ذلك على
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 » »»