شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٨٦
تيمية: إنها أمر منكر كذب محض ومجازفة من ترهاته، وقوله: لم ينقل ولم يرو باطل; فإن مذهب مالك وأحمد والشافعي رضي الله تعالى عنهم استحباب استقبال القبر الشريف في السلام والدعاء، وهو مسطر في كتبهم. انتهت عبارة الشهاب الخفاجي.
وقال أيضا في شرح الشفاء عند قول المصنف. وقال صلى الله عليه وسلم " لا تجعلوا قبري عيدا " أي كالعبد باجتماع الناس عنده، وقد تقدم تأويل الحديث، وأنه لا حجة فيه لما قاله ابن تيمية وغيره، فإن إجماع الأمة على خلافه يقتضي تفسيره بغير ما فهموه فإنه نزغة شيطانية، انتهت عبارة الشهاب. وقوله: وقد تقدم تأويل الحديث: أي في آخر عبارته السابقة، فإنه قال هناك: وأما قوله صلى الله عليه وسلم " لا تتخذوا قبري عيدا "، فقيل كره الاجتماع عنده في يوم معين على هيئة مخصوصة، وقيل المراد لا تزوروه في العام مرة فقط بل أكثروا الزيارة له كما مر. وأما احتماله للنهي عنها فهو بفرض أنه المراد محمول على حالة مخصوصة: أي لا تتخذوه كالعيد في العكوف عليه وإظهار الزينة عنده وغيره مما يجتمع له في الأعياد، بل لا يؤتى إلا للزيارة والسلام والدعاء ثم ينصرف.
ومنهم العلامة خليل بن إسحاق المالكي الشهير. قال الإمام القسطلاني في المواهب اللدنية: وينبغي للزائر أن يكثر الدعاء والتضرع والاستغاثة والتشفع والتوسل به صلى الله عليه وسلم، فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله فيه ا ه‍.
قال الإمام الزرقاني في شرحه بعد ما ذكر: ونحو هذا في منسك العلامة خليل وزاد وليتوسل به صلى الله عليه وسلم ويسأل الله تعالى بجاهه في التوسل به، إذ هو محط أحمال الأوزار وأثقال الذنوب لأن بركة شفاعته وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، ومن اعتقد خلاف ذلك فهو المحروم الذي طمس الله بصيرته وأضل سريرته. ألم يسمع قوله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك) الآية ا ه‍. ولعل مراده التعريض بابن تيمية، انتهت عبارة الإمام الزرقاني.
ومنهم الإمام محمد الزرقاني المالكي. قال حرمه الله تعالى في شرحه على المواهب اللدنية عند قول الإمام القسطلاني فيها، والحكاية المروية عنه: أي عن الإمام مالك أنه أمر المنصور أن يستقبل القبر وقت الدعاء كذب على مالك كذا قال: يعني ابن تيمية، قال الزرقاني تبرأ: أي القسطلاني منه: أي من كلام ابن تيمية في تكذيب الحكاية، لأن الحكاية رواها أبو الحسن علي بن فهر في كتابه [فضائل مالك]: ومن طريقه الحافظ أبو الفضل عياض في الشفاء بإسناد لا بأس به بل قيل إنه صحيح، فمن أين أنها كذب؟ وليس
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 » »»