شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٨١
فإما أن يقدر عاما فيصير لا تشد الرحال إلى مكان في أي أمر كان إلا إلى الثلاثة، أو أخص من ذلك لا سبيل إلى الأول لإفضائه إلى سد باب السفر للتجارة وصلة الرحم وطلب العلم وغيرها فتعين الثاني. والأولى أن يقدر ما هو أكثر مناسبة، وهو لا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه إلا إلى الثلاثة، فبطل بذلك قول من منع شد الرحال إلى زيارة القبر الشريف وغيره من قبور الصالحين، والله أعلم. انتهت عبارة فتح الباري.
وقال الحافظ ابن حجر أيضا فيما كتبه على الرد الوافر على من زعم أن من أطلق على ابن تيمية شيخ الإسلام كافر للحافظ ابن ناصر الدمشقي كما نقله الصفي البخاري في [القول الجلي]: ولقد قام على الشيخ تقي الدين جماعة: يعني ابن تيمية مرارا بسبب أشياء أنكروها عليه من الأصول والفروع وعقدت له بسبب ذلك عدة مجالس بالقاهرة وبدمشق، ولا يحفظ عن أحد منهم أنه أفتى بزندقته ولا أفتى بسفك دمه مع شدة المتعصبين عليه رحمه الله تعالى من أهل الدولة حتى حبس بالقاهرة ثم بالإسكندرية، ومع ذلك فكلهم معترف بسعة علمه وكثرة ورعه وزهده ووصفه بالسخاء والشجاعة وغير ذلك من قيامه في نصر الإسلام والدعاء إلى الله في السر والعلانية، فكيف لا ينكر على من أطلق عليه أنه كافر بل من أطلق على من سماء بشيخ الإسلام الكفر، وليس في تسميته بذلك ما يقتضي ذلك فإنه شيخ الإسلام بلا ريب، والمسائل التي أنكرت عليه ما كان يقولها بالتشهي ولا يصر على القول بها بعد قيام الدليل عليه عنادا، وهذه تصانيفه طافحة بالرد على من يقول بالتجسيم والتبري منه، ومع ذلك فهو بشر يخطئ ويصيب، فالذي أصاب فيه وهو الأكثر يستفاد منه ويترحم عليه بسببه، والذي أخطأ فيه لا يقلد فيه، أي كمسألة الزيارة والطلاق. انتهى ما أردت نقله من كلام الحافظ ابن حجر.
ومنهم السيد صفي الدين الحنفي البخاري نزيل نابلس ألف كتابا مستقلا سماه [القول الجلي في ترجمة الشيخ تقي الدين بن تيمية الحنبلي] ذكر فيه مناقبه وكلام العلماء في الثناء عليه، ذكر كاتبه في آخره أنه انتهى تأليفه سنة 1223 ه‍، وقرظ عليه علماء ذلك العصر كالشيخ عبد الرحمن الكزبري الدمشقي والشيخ محمد التافلاتي المغربي مفتي القدس، وهو مطبوع على هامش كتاب [جلاء العينين في محاكمة الأحمدين] للسيد نعمان أفندي الآلوسي البغدادي. قال صفي الدين في كتابه المذكور، قد نص على أنه، أي ابن تيمية بلغ رتبة الاجتهاد جمع من العلماء ولم يتفرد بمسألة منكرة قط وإن كان قد خالف الأئمة الأربعة في مسائل فقد وافق فيها بعض الصحابة أو التابعين، ومن أشنع ما وقع له مسألة تحريم السفر إلى زيارة
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»