شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٧٦
القرون والأعصار وما وقع منهم إنكار، فكيف يجوز الإقدام على تكفير المسلمين بشئ قام على ثبوته البراهين: وفي الحديث الصحيح " من قال لأخيه المسلم يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه " قال العلماء ترك قتل ألف كافر أولى من إراقة دم امرئ مسلم. فيجب الاحتياط في ذلك فلا يحكم بالكفر على أحد من أهل القبلة إلا بواضح قاطع للإسلام.
وممن رد على محمد بن عبد الوهاب أحد أشياخه، وهو الشيخ محمد بن سليمان الكردي صاحب حواشي شرح مختصر بأفضل، ومن جملة ما قاله في الرسالة التي رد بها عليه:
يا ابن عبد الوهاب سلام على من اتبع الهدى فإني أنصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين " فإن سمعت من شخص أنه يعتقد تأثير ذلك المستغاث به من دون الله تعالى فعرفه الصواب وأبن له الأدلة على أنه لا تأثير لغير الله، فإن أبى فكفره حينئذ بخصوصه ولا سبيل لك إلى تكفير السواد الأعظم من المسلمين وأنت شاذ عن السواد الأعظم، فنسبة الكفر إلى من شذ عن السواد الأعظم أقرب لأنه اتبع غير سبيل المؤمنين. قال تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) " وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية " ا ه‍.
والحاصل أن الذين اعتنوا بالرد عليه خلائق لا يحصون من مشارق الأرض ومغاربها من أرباب المذاهب الأربعة في كتب مبسوطة ومختصرة، وبعضهم التزم الرد عليه بنصوص مذهب الإمام أحمد، ليبين له أنه كاذب ملبس في انتسابه لمذهب الإمام أحمد رضي الله عنه.
وأما زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد فعلها الصحابة، ومن بعدهم من سلف الأمة وخلفها وانعقد الإجماع على استحبابها وجاء في فضلها والترغيب فيها أحاديث كثيرة: منها ما رواه البيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من زار قبري كنت له شفيعا وشهيدا " وهذه شفاعة خاصة للزائر غير شفاعته صلى الله عليه وسلم للعصاة، وروى الدارقطني وابن السكن وغيرهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " من زار قبري وجبت له شفاعتي ". وفي رواية " من جاءني زائرا لا تعمله حاجة غير زيارتي كان حقا على أن أكون له شفيعا يوم القيامة ". وفي رواية لابن منده " من زارني في مسجدي بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي ". وفي رواية لابن عدي " من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني " والمراد من الجفاء غلظ الطبع والبعد والإعراض عن المحبوب والمراد أنه فعل فعل الجافي، لا أنه جفا جفاء حقيقيا " لأن ذلك أذى ولا يجوز أذاه صلى الله عليه وسلم
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»