شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق (ص) - الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني - الصفحة ١٧٤
واستدل الفقهاء على ذلك بما رواه ابن السني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فلينادي يا عباد الله احبسوا فإن الله عبادا يجيبونه " ففيه نداء وطلب نفع: أي التسبب في ذلك من عباد الله الذين لم يشاهدهم; وفي حديث آخر رواه الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم قال " إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا، وهو بأرض ليس فيها أنيس فليقل: يا عباد الله أعينوني، وفي رواية أغيثوني فإن الله عبادا لا ترونهم " قال العلامة ابن حجر في حاشية [إيضاح المناسك] وهو مجرب كما قاله الراوي، وروى أبو داود وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل قال " يا أرض ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك وشر ما يدب عليك، أعوذ بالله من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن شر ساكن البلد ووالد وما ولد ".
وذكر الفقهاء في آداب السفر أنه يسن للمسافر الإتيان بهذا الدعاء عند إقبال الليل وفيه النداء والخطاب للجماد; وروى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما والدارمي عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال " ربي وربك الله " ففيه خطاب للجماد. وصح أنه " لما توفي صلى الله عليه وسلم أقبل أبو بكر رضي الله عنه حين بلغه الخبر، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف عن وجهه; ثم أكب عليه فقبله ثم بكى وقال: بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن من بالك ".
وفي رواية للإمام أحمد " فقيل جهته، ثم قال وا نبياه، ثم قبله ثلاثا وقال وا صفياه ثم قبله ثلاثا وقال وا خليلاه " ففي ذلك نداء خطاب له صلى الله عليه وسلم بعد وفاته. ولما تحقق عمر رضي الله عنه وفاته صلى الله عليه وسلم بقول أبي بكر رضي الله عنه، قال وهو يبكي " بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه، فلما كثروا واتخذت منبرا لتسمعهم حن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن فأمتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عند ربك أن جعل طاعتك طاعته، فقال (من يطع الرسول فقد أطاع الله) بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أولهم، فقال (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح) الآية بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون أن يكونوا أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون يقولون:
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»