رسالتان حول العصمة - الشيخ الصافي - الصفحة ٧٢
حذوهم ممن نعتوا أنفسهم بالثقافة والتنور الفكري وما هم بذلك زعم أن الإرادة لو كانت تشريعية ليكون أهل العصمة وغيرهم سواء لكان اجتنابهم عن المعاصي والقبائح بالاختيار أدل على أفضليتهم، وكمال نفوسهم من اجتنابهم عن المعصية بصفة أنهم معصومون وأن الله أراد عصمتهم عن المعاصي، وبهذا البيان المزخرف أراد نفي دلالة آية التطهير على عصمتهم، وإنكارها من الأصل.
والجواب عن هذا الزعم الفاسد: أنه لا ملازمة بين العصمة وعدم الاختيار، ولا منافاة بينها وبينه فإن إرادة الحتمية والتكوينية تارة تتعلق بفعله، وما يصدر عنه بلا واسطة أمر بينه وبين المراد، وبعبارة تتعلق بوقوع أمر بدون واسطة أمر آخر سواء كان في خارج عالم الاختيار والأسباب والمسببات أو في عالم الاختيار والأسباب فلا يتخلف الإرادة عن المراد حتى إذا كانت متعلقة بأمر اختياري لولا هذه الإرادة، وبما له أسباب كثيرة لأنه بعد ما أراد وقوعه مطلقا بدون واسطة الأسباب واختيار فاعل مختار يقع لا محالة كما أراد.
وأخرى تتعلق بما يصدر عن العبد بالاختيار أو بوقوع ما يكون له أسباب متعددة كذلك أعني باختياره وبواسطة الأسباب ففي مثله حصول المراد وتحققه، وعدم تخلف الإرادة عن المراد إنما يكون بصدوره عن العبد بالاختيار وبكون مسببا لهذه الأسباب ففي هذه الصورة لا تنافي بين إرادته المتعلقة بما يقع في عالم الاختيار والأسباب والمسببات وتوسط الوسائط والأسباب بل لو وقع بغير اختيار العبد أو تأثر الأسباب لكان من تخلف المراد عن إرادته.
(٧٢)
مفاتيح البحث: الإختيار، الخيار (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست