رسالتان حول العصمة - الشيخ الصافي - الصفحة ١١٤
وربما يكون بفعل المستحب وترك المكروه والنبي والإمام أعلم بموارد ترك الأولى فلا يجوز نسبة ترك الأولى إلى النبي والولي بل إلى غيرهما من الفقهاء العارفين بأحكام الله تعالى وموارد تزاحم المستحبات والمكروهات بعضها مع بعض بمجرد ترك المستحب أو فعل المكروه بل يمكن الاستدلال بفعلها على عدم كون هذا الفعل أو الترك مستحبا أو مكروها بقول مطلق وإلا فلم يصدر منها.
ثم إنه قد بقي هنا مطلب آخر، وهو النظر في الآيات والأحاديث التي توهم منه عدم عصمة الأنبياء ولئلا يطول بنا المقام نحيل الباحثين إلى التفاسير المأثورة عن أهل بيت النبوة أعدال القرآن الكريم، وكتاب تنزيه الأنبياء والشافي وتلخيصه، واللوامع الإلهية، وبحار، الأنوار وغيرها من كتب الكلام والحديث، ومجمل القول في الآيات أنها غير ظاهرة في عدم عصمة الأنبياء ولو سلم ظهور لبعضها يجب تأويله وحمله على عدم إرادة ظاهرها. وأما الأحاديث فأكثرها من الإسرائيليات ومخرجة في كتب العامة فهي أما موضوعة لا سند لها ولا أصل كخبر الغرانيق والإسرائيليات التي أخذت من اليهود مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه في قصص الأمم الماضية وأنبيائهم تجد فيها من الخرافات والأعاجيب ما يضحك به الثكلى، وأما ضعيفة السند لا يعتمد عليها سيما في أصول الدين ومعارضة بأحاديث أخرى صحيحة معتضد بحكم العقل.
وبالجملة فلا تجد في الأخبار ما يصح التعويل عليه والركون إليه في نفي العصمة للأنبياء صلوات الله على نبينا وعليهم أجمعين والله
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست