النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٤٠
أما أنه يصح أن يعلم كل معلوم فلأنه حي، وكل حي يصح منه أن يعلم، ونسبة هذه الصحة إلى جميع ما عداه نسبة متساوية فيتساوى نسبة جميع المعلومات إليه أيضا.
وأما أنه صح له تعالى شئ وجب له، فلأن صفاته تعالى ذاتية، والصفة الذاتية متى صحت وجبت، وإلا لافتقر في اتصاف الذات بها إلى الغير، فيكون الباري تعالى مفتقرا في علمه إلى غيره، وهو محال.
قال: (الثالثة، أنه تعالى حي لأنه قادر فيكون حيا بالضرورة).
أقول: من صفاته الثبوتية كونه تعالى حيا فقال الحكماء وأبو الحسين البصري (1) حياته عبارة عن صحة اتصافه بالقدرة والعلم، وقال الأشاعرة هي صفة زائدة على ذاته مغايرة لهذا الصحة (2)، والحق هو الأول إذ الأصل عدم الزائد، والباري تعالى قد ثبت أنه قادر عالم، فيكون حيا بالضرورة وهو المطلوب.
قال: (الرابعة: أنه تعالى مريد وكاره لأن تخصيص الأفعال بإيجادها في وقت دون آخر لا بد له من مخصص، وهو الإرادة ولأنه تعالى أمر ونهى، وهما يستلزمان الإرادة والكراهة بالضرورة.
أقول: اتفق المسلمون على وصفه بالإرادة (3) واختلفوا في معناها فقال

(1) في الأصل أبو الحسن البصري والصحيح أبو الحسين وهو محمد بن علي بن الطيب البصري المتكلم على مذهب المعتزلة له تصانيف منها المعتمد في الفقه وكتاب المحصول توفي ببغداد عام 446.
(2) هكذا في الأصل.
(3) فائدة: الذي يعلم من صريح كلام الأئمة (عليهم السلام) الوارد في الإرادة، وهو أن الإرادة عن الله تعالى نفس العقل والاحداث وإنها من صفات الأفعال لا الذات، من ذلك صحيحة صفوان بن يحيى عن أبي الحسن (عليه السلام) قال قلت لأبي الحسن (عليه السلام) أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق [المخلوق].
قال: فقال: الإرادة عن الخلق [المخلوق] الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل، وأما من الله عز وجل فإرادته إحداثه لا غير ذلك، لأنه لا يروي ولا يهم ولا يتفكر وهذه الصفات منفية عنه وهي من صفات الخلق، فإرادة الله هي الفصل لا غير ذلك يقول له كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ولا كيف لذلك كما أنه بلا كيف [لا كيف له] انتهى (توحيد الصدوق ح 17 ص 147) وقوله لا كيف أي لا كيف لإيجاده كما لا كيف لنفسه لأن كيفية الفعل من قبل كيفية الفاعل (ح ط).
- والهم بالأمر حديث النفس بعقله والفرق بين الهم بالشئ والقصد إليه أنه قد يهم بالشئ قبل أن يريده ويقصده بأن يحدث نفسه وهو مع ذلك مقبل على فعله، قوله تعالى (وهموا بما لم ينالوا) من قولهم هممت بالشئ أردته وقصدته (م ن).
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست