النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٥٢
من الظواهر النقلية، وهو باطل، لأنه لو كان في الجهة لكان، أما مع استغنائه عنهما فلا يحصل فيها، أو مع افتقاره إليها فيكون ممكنا، والظواهر النقلية لها تأويلات ومحامل مذكورة في مواضعها (2).
لأنه لما دلت الدلائل العقلية على إقناع الجسمية ولواحقها عليه، وجب تأويل غيرها لاستحالة العمل بهما، وإلا لاجتمع النقيضان أو الترك لهما، وإلا لارتفع النقيضان، أو العمل بالنقل واطراح العقل، وإلا لزم اطراح النقل أيضا لإطراح أصله، فيبقى الأمر الرابع وهو العمل بالعقل وتأويل النقل.
قال: (ولا يصح عليه اللذة والألم (1) لامتناع المزاج عليه تعالى).
أقول: الألم واللذة أمران وجدانيان فلا يفتقران إلى تعريف، وقد يقال فيهما: اللذة إدراك الملائم من حيث هو ملائم، والألم إدراك المنافي من حيث هو مناف، وهما قد يكونان حسيين، وقد يكونان عقليين، فإن الادراك إن كان حسيا فهما حسيان وإلا فعقليان.
إذا تقرر هذا فنقول: أما الألم فهو مستحيل عليه إجماعا من العقلاء إذ لا منافي له تعالى، وأما اللذة فإن كانت حسية فكذلك لأنها من توابع المزاج، والمزاج يستحيل عليه تعالى وإلا لكان جسما.
وإن كانت عقلية فقد أثبتها الحكماء له تعالى وصاحب الياقوت منا،

(1) مثل قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) وقوله تعالى (وهو القائم فوق عباده) وقوله تعالى (ويخافون ربهم من فوقهم) (س ط).
(2) اللذة والألم من توابع المزاج وهو له ضد وامتناع المتبوع والمعروض يستلزم امتناع التابع والعارض، أما كونهما من قوابعه فلأن اللذة عبارة عن ميل المزاج إلى الاعتدال كما يجده الإنسان حال أكل المستلذ، والألم عبارة عن ميل المزاج عن الاعتدال كما يجده حال شرب الدواء المر هكذا فسرهما بعض المتكلمين (شرح ط).
(٥٢)
مفاتيح البحث: الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست