النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٤٦
والصوت ولا يجوز قيامهما بذاته، وإلا لكان ذا حاسة لتوقف وجودهما على وجود آلتيهما ضرورة، فيكون الباري تعالى ذا حاسة وهو باطل.
الرابع: في قدمه وحدوثه، فقالت الأشاعرة بقدم المعنى، والحنابلة بقدم الحروف، وقالت المعتزلة بالحدوث (1)، وهو الحق لوجوه:
الأول: أنه لو كان قديما لزم تعدد القدماء، وهو باطل، لأن القول بقدم غير الله كفر بالاجماع، ولهذا كفرت النصارى لإثباتهم قدم الأقنوم.
الثاني: أنه مركب من الأصوات والحروف التي يعدم السابق منها بوجود لاحقه، والقديم لا يجوز عليه العدم.
الثالث: أنه لو كان قديما لزم الكذب عليه، واللازم باطل فالملزوم مثله، بيان الملازمة أنه أخبر بإرسال نوح (عليه السلام) في الأزل بقوله: (إنا

(١) قال الشارح في شرح [] هذه المسألة لم يدركها الحكماء، وتفرد المسلمون بالبحث عنها وهي أول مسألة بحث المتكلمون في صدر الإسلام عن تفاصيلها وبذلك سمي هذا الفن بعلم الكلام، والأشاعرة خالفوا في التفسير تارة وفي الحديث أخرى فقالوا المراد من الكلام نفس المعاني وهي قديمة قائمة بذاته وإن كانت مدلولا عليها بالعبارات الجارية ومنهم من جعله حقيقة فيها مجازا في العبارات ومنهم من عكس، ومنهم من جعله مشتركا ثم إنهم قالوا إن تلك المعاني وإن كانت مختلفة التسمية من كونها أمرا ونهيا وخبرا واستخبارا لكن المرجع في الحقيقة إلى حقيقة واحدة ومعنى واحد (ش ط ن).
- والحنابلة والكرامية وافقونا في تفسير الكلام وخالفونا في الحدوث فزعموا أن تلك الحروف والأصوات قديمة قائمة بذاته تعالى حتى نقل عن بعضهم أنه قال جهلا أو تجاهلا حتى الجلد والغلاف قديمان فضلا عن المصحف وتشبثوا لذلك أنه لو كان حادثا لكان إما قائما بذاته أو بغيره... [كان في محل] والكل باطل.
والجواب أنا قد بينا أنه حادث وقائم بالغير ولا مانع من ذلك والنقل الصحيح دل عليه فثبت (س ط).
- واعلم أنه يلزم الأشاعرة وهؤلاء القول بتعدد القدماء وكونه تعالى آمرا وناهيا للمعدومين ومخالفة نص الكتاب [على] كونه محدثا كقوله تعالى (وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) والمراد به القرآن (ش ط).
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست