النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٤٢
الزيادة، فإذن الحق ما قاله أبو الحسين البصري، والدليل على ثبوت الإرادة من وجهين:
الأول: إن تخصيص الأفعال بالايجاد في وقت دون وقت آخر وعلى وجه دون آخر مع تساوي الأوقات والأحوال بالنسبة إلى الفاعل والقابل لا بد له من مخصص، فذلك المخصص، أما القدرة الذاتية فهي متساوية النسبة فليست صالحة للتخصيص، ولأن من شأنها التأثير والايجاد من غير ترجيح، وأما العلم المطلق فذلك تابع لتعيين الممكن وتقدير صدوره فليس مخصصا وإلا لكان متبوعا.
وأما باقي الصفات فظاهر أنها ليست صالحة للتخصيص، فإذن المخصص هو علم خاص مقتضى لتعيين الممكن ووجوب صدوره عنه، وهو العلم باشتماله على مصلحة لا تحصل إلا في ذلك الوقت، أو على ذلك الوجه وذلك المخصص هو الإرادة (١).
الثاني: أنه تعالى أمر بقوله: ﴿أقيموا الصلاة﴾ (٢)، ونهى بقوله:
﴿ولا تقربوا الزنى﴾ (3)، والأمر بالشئ يستلزم إرادته ضرورة، والنهي عن الشئ يستلزم كراهته ضرورة، فالباري تعالى مريد وكاره وهو المطلوب، وهيهنا فائدتان.
الأولى: كراهيته تعالى هي علمه باشتمال الفعل على المفسدة الصارفة عن إيجاده، كما أن أرادته هي علمه باشتماله على المصلحة الداعية إلى إيجاده.

(١) ولا يخفى ما فيه من المنافاة لما سبق فعليك بإمعان النظر لتحصيل التوفيق فإن لم تجده فاعتصم بكلام أهل العصمة فإنه عصمة من الهلكة (س ط).
(٢) البقرة ٤٣.
(٣) الإسراء ٣٢.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست