النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٣٨
الأول: أنه مختار، وكل مختار عالم، أما الصغرى: فقد مر بيانها، وأما الكبرى: فلأن فعل المختار تابع لقصده ويستحيل قصد شئ من دون العلم به.
الثاني: أنه فعل الأفعال المحكمة المتقنة وكل من كان فعله كذلك فهو عالم بالضرورة. أما أنه فعل ذلك فظاهر لمن تدبر مخلوقاته.
أما السماوية: فما يترتب على حركاتها من خواص الفصول الأربعة وكيفية نضد تلك الحركات، وأوضاعها وهو مبين في فنه (1).
وأما الأرضية: فما يظهر من حكمة المركبات الثلاث، والأمور الغريبة الحاصلة فيها، والخواص العجيبة المشتملة عليها ولو يكن إلا في خلق الإنسان لكفى الحكمة المودعة في إنشائه وترتيب خلقه وحواسه، وما يترتب عليها من المنافع كما أشار إليه بقوله: (أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله

(1) وقد ذكر بعض أهل العلم أنهم قد رأوا في الإنسان اثني عشر ألف (خاصية) وقالوا ما جهلنا أكثر مما علمنا.
- ومن أحب الوقوف على تقرير شديد التدبير وبدائع صنع اللطيف الخبير فعليه برسالة (المفضل بن عمر) المنقولة عن الصادق (عليه السلام) (توحيد المفضل).
- فإن قلت قد يصدر عن بعض الحيوانات العجم الأفعال العجيبة كما في النحل، فإنه على ما ذكر يبني البيت المسدس المشتمل على الحكم التي لا يهتدي (إليها) المهندسون ويعجز عن إدراك أغراضها الحاذقون، وكذلك العنكبوت وأشباههما مع أنها ليس من أولي العلم.
قلت: لم لا يكون لها من العلم بقدر ما تهتدي مصالحها بأن يخلقها الله تعالى عالمة بتلك الآثار وألهمها حين الحاجة إليها لطفا بها وحفظا لبقاء نوعها كما في قوله تعالى (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون) (68 سورة النحل) (ط).
وفي آخر كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف النملة قوله: ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ما دلتك الدلالة إلا على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة لدقيق تفصيل كل شئ وغامض اختلاف كل حي وما الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقوي والضعيف في خلقه إلا سواء (نهج البلاغة خ 185 / 227).
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست