النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٣٥
قال: (وقدرته يتعلق بجميع المقدورات، لأن العلة المحوجة إليه هي الامكان ونسبة ذاته إلى الجميع بالسوية، فيكون قدرته عامة).
أقول: لما ثبت كونه قادرا في الجملة شرع في بيان عموم قدرته وقد نازع فيه الحكماء حيث قالوا: إنه واحد لا يصدر عنه إلا واحد والثنوية (1)

(١) قال الشيخ الطوسي في كتابه الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد (ص 53 طبع دار الأضواء بيروت) فأول ذلك أنه يجب أن يكون قادرا لأن الفعل لا يصح أن يصدر إلا من قادر (م).
وقال في (ص 87) من شأن القادر على الشئ أن يكون قادرا على جنس ضده... والقديم تعالى قادر على الأجناس كلها (الحسن والقبيح...) ومن كل جنس على ما لا نهاية له لأنه قادر لنفسه على ما مضى ولا اختصاص له بقدر دون قدر ولا بجنس دون جنس وأيضا هو تعالى قادر على تعذيب الكفار بلا خلاف وهو حسن، فإذا أسلم الكافر قبح عقابه ولم يخرج إسلامه إياه تعالى عن كونه قادرا فبان (والمراد بذلك) أنه قادر على القبح (م).
وقال الشيخ المفيد (إن الله جل جلاله قادر على خلاف العدل كما أنه قادر على العدل، إلا أنه لا يفعل جورا ولا ظلما ولا قبيحا وعلى هذا جماعة الإمامية والمعتزلة كافة سوى النظام وجماعة من المرجئة والزيدية وأصحاب الحديث والمحكمة ويخالفنا فيه المجبرة بأسرها والنظام ومن وافقهم في خلاف العدل والتوحيد، وأقول أنه سبحانه قادر على ما علم أنه لا يكون مما لا يستحيل كاجتماع الأضداد ونحو ذلك من المحال وعلى هذا إجماع أهل التوحيد إلا النظام وشذاذ من أصحاب المخلوق (م) (أوايل المقالات).
وبعد قول الشيخ المفيد (وعلى هذا جماعة الإمامية) وما رأيت من قول الشيخ الطوسي فالظاهر أنه قد اشتبه الأمر على من نقل القول أعلاه عن السيد المرتضى والشيخ الطوسي رحمهما الله (م).
وروى الصدوق في كتابه التوحيد بصفة أحاديث فمن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: فلا يوصف بقدرة إلا كان أعظم من ذلك وعن أبي عبد الله (عليه السلام) إن الله لا يوصف بعجز وعنه (عليه السلام) لا تقدر قدرته، وعن عمر بن أذينة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام) هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن يصغر الدنيا أو يكبر البيضة؟ قال إن الله تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز والذي سألتني لا يكون، أقول العجز في المقدور والله جعله ممتنعا، فلا ينسب تعالى إلى العجز إذ أنه من المحال الذي لا تتعلق به القدرة ولا يلزم من ذلك قصور فيها بل هو (أي المحال) قاصر غير قابل لها كسائر الممتنعات.
(1) وهم الذين قالوا إن في الوجود خيرا وشرا وأثبتوا أصلين اثنين مدبرين قديمين أحدهما النور والثاني الظلمة.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست