النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٥٦
جهة لأنه أما مقابل أو في حكم المقابل بالضرورة فيكون جسما وهو محال، ولقوله تعالى (لن تراني) (1)، ولن النافية للتأبيد).
أقول: ذهب الحكماء والمعتزلة إلى استحالة رؤيته بالبصر لتجرده، وذهب المجسمة والكرامية إلى جواز رؤيته بالبصر مع المواجهة، وأما الأشاعرة فاعتقدوا تجرده، وقالوا بصحة رؤيته، وخالفوا جميع العقلاء، وتحذلق بعضهم وقال ليس مرادنا بالرؤية الانطباع أو خروج الشعاع، بل الحالة التي تحصل من رؤية الشئ بعد حصول العلم به.
وقال بعضهم: معنى الرؤية هو أن ينكشف لعباده المؤمنين في الآخرة انكشاف البدر المرئي.
والحق أنهم إن عنوا بذلك الكشف التام فهو مسلم فإن المعارف تصير يوم القيامة ضرورية، وإلا فلا يتصور منه إلا الرؤية، وهو باطل عقلا وسمعا (2).

(١) سورة الأعراف آية ١٤٣. قال تعالى (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)، وقال (عليه السلام) لا تدركه الأبصار بمشاهدة العيان ولكن أدركته القلوب بحقائق الإيمان. وخالف الأشاعرة، بأن حقيقة الرؤية بالبصر، [أي وجود صورة المرئي وانطباعه فيه أو خروج خارج منه يتصل بسطح المرئي وكلاها ممتنع في حقه تعالى لأن الصورة والسطح من عوارض الجسم وهو ممتنع عليه كما مر (س ط).
قالت الأشاعرة إن الله موجود وكل موجود يرى جوابه إن الكيفيات النفسية موجودة كالعلم والشجاعة واللذة والألم ومع ذلك لا ترى عيانا وأما قوله تعالى (إلى ربها ناظرة) فالمراد به النظر بالعقل والبصيرة لا بالعين والبصر، وقد نفت الأشاعرة التجسيم وأثبتت الرؤية فوقعت في التناقض لأن إثبات الرؤية هو إثبات للجسم والمجسمة كفرة روي عن الرضا (عليه السلام) من قال بالتجسيم والجبر فهو كافر.
(2) من الأخبار ما رواه الصدوق في كتاب التوحيد (باب 8 ح 3 ص 108) عن عاصم بن حميد قال: ذاكرت أبا عبد الله (عليه السلام) فيما يروون من الرؤية فقال: الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي والكرسي جز من سبعين جزءا من نور العرش والعرش جز من سبعين جزءا من نور الحجاب والحجاب جزء من سبعين جزءا من نور الستر فإن كانوا صادقين فليملأوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب (حجاب).
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست