مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢١٣
يتحقق عرفا إلا بالتصرف فيه زائدا على الاستيلاء التام فضلا عن مثل هذا الاستيلاء التعليقي هذا بالنسبة إلى حكمه التكليفي وأما لو عصى بالقبض وقبضه فالظاهر صحة الرهن لزوم لتحقق الشرط لأن الشرط ليس إلا نفس القبض إذا كان بإذن الراهن وقد حصل وكونه محرما لعدم رضا الشريك لا يقتضى فساده لأن الشرط إنما هو وجوده لا كونه على وجه مباح كما لا يخفي الفصل الثاني في شرائط الرهن أي المرهون ومن شرطه أن يكون عينا خارجية وإن يكون مملوكا أي متمولا حتى يمكن قبضه ويصح بيعه ليستوفى حقه الذي استوثق به له من ثمنه سواء كان مشاعا أو منفردا أما الوجه في الأول أعني كونه عينا مع أنه مما لا يوجد فيه خلاف إلا فيما ستسمعه من الخلاف في خدمة المدبر إمكان دعوى اعتباره في مفهوم الرهن لغة وإن لم نقل باعتبار القبض فيه مضافا إلى لزوم اعتبار كونه قابلا لأن يقبض بنفسه على ما هو المختار من اعتبار القبض في صحته وهو لا يتحقق إلا في الأعيان الخارجية فلو رهن دينا لم ينعقد الرهن لعدم إمكان قبضه ما دام كونه دينا نعم لو عينه في الخارج يصح رهنه بعد ذلك ولكنه يخرج بذلك عما نحن فيه هذا إذا بنينا على اشتراط القبض وأما لو قلنا بعدم اشتراط القبض فيشكل الحكم بعدم الصحة وإن تكلف لتصحيحه بعض متأخري المتأخرين اللهم إلا أن يتمسك بالاجماع إن تحقق أو يلتزم بأن كونه عينا خارجية مأخوذ في مفهومه عرفا وليس بالبعيد وقد يناقش فيما ذكرنا من عدم إمكان القبض في الدين أما أولا فبالنقض ببيع الدين في الصرف وهبة ما في الذمم وثانيا بأن الدين كلى وقبضه يتحقق بقبض أفراده ويمكن دفع الأول منهما بإبداء الفارق بين المثالين وما نحن فيه بأن يقال أن المستفاد من أدلة اعتبار القبض في المجلس إن المناط فيه انقضاء الامر في المجلس ووصول حق كل ذي حق إلى صاحبه حتى لا يبقى لأحدهما على الاخر كلام بعد انقضاء المجلس وهذا المعنى بالنسبة إلى الدين محقق فلا حاجة إلى شئ آخر وبتقرير أوفى إن القبض الذي كان معتبرا في جميع أبواب البيع الذي هو عبارة عن وصول كل من العوضين إلى الاخر بمقتضى عقد البيع قد أعتبره الشارع في خصوص الصرف بكونه في المجلس لحكم ومصالح مثل كونه غالبا في معرض التشاجر وغير ذلك من المصالح الخفية ومن المعلوم إن القبض بمعناه الحقيقي لا يعقل تحققه في الدين فالحكم بصحته في المثال لا بد من أن يستند إلى دليل يقتضى تعميم القبض بحيث يعم الفرض وهو فيما نحن فيه مفقود فيحمل اللفظ على معناه الحقيقي وهو الحسى الخارجي وأما هبة ما في الذمم على من عليه فهو إبراء في الحقيقة ولا يعقل اعتبار القبض فيه وأما هبته على غيره فتجويزها ما يحتاج إلى مراجعة أدلتها وكيفية استظهار اعتبار القبض فيها ولا ملازمة بين المقامين فبعد قصور الدليل فيما نحن فيه عن التعميم لا نقول به ولو كان دليل الهبة أيضا كذلك ولم يكن في المسألة إجماع لا نقول به فيها أيضا وكيف كان فالمتبع في كل باب هو دليله وأما المناقشة الثانية فيدفعها إن الظاهر من قوله تعالى فرهان مقبوضة وقوله عليه السلام لا رهن مقبوضا أن يكون نفس الرهن بنفسها مقبوضة وظاهر إن قبض الفرد وليس قبض نفس الكلى من حيث هو ولذا يجوز تبديله بفرد آخر ومساعدة العرف على تسميته قبضا له في بعض المقامات مبينة على المسامحة لا على التحقيق فبما ذكرنا تقرر إن الأقوى عدم جواز رهن الدية لتعذر القبض وأما الكلى الخارجي كما لو رهن منا من صبرة من الحنطة فالظاهر جوازه كما في المشاع إذا لا امتناع في قبضه والفرق بين الكلى الخارجي والمشاع والفرد المردد قد أوضحنا لك في كتاب البيع فراجع وكما لا يصح رهن الدين كذا لا يصح رهن المنفعة فلو رهنه منفعة كسكنى الدار وخدمة العبد لم ينعقد الرهن لما عرفت من تعذر القبض مضافا إلى دعوى الاتفاق وعدم وجدان مخالف في المسألة وما قيل في وجهه من أن الدين إذا كان مؤجلا فالمنافع تتلف إلى حلول الأجل فلا تحصل فائدة الرهن وإن كان حالا فبقدر ما يتأخر قضاء الدين يتلف جزء من المرهون فلا يحصل الاستيثاق ففيه مع أنه يمكن فرضه بعد الاجل بحيث لا يرد عليه شئ مما ذكر إن استيفاء الدين من عين الرهن ليس بشرط بل منه أو عوضه ولو ببيعه قبل الاستيفاء كما لو رهن ما يتسارع إليه الفساد قبله والمنفعة يمكن جواز ذلك فيها بأن يؤجر العين ويجعل الأجرة رهنا كما أشار إليه الشهيد (ره) ومعنى كون الأجرة رهنا أن يستوفى منها دينه لا نفسها حتى يقال إن جواز رهن الأجرة مما لا كلام فيه وإنه خارج عن محل النزاع مع أن لنا نفرض الرهن بالنسبة إلى المنفعة بعد حلول الأجل وعلى هذا فالمرتهن متمكن من استيفاء دينه من نفس العين بالتصرف فيها بمقدار يعدل حقه وعلى هذا فالعمدة في المقام هو ما ذكرنا من امتناع القبض حقيقة مضافا إلى كون المسألة بحسب الظاهر إجماعية كما يظهر من بعض عبائرهم وأما المناقشة في ما ذكرنا بأن قبض المنفعة يتحقق بقبض العين كما في الإجارة فمدفوعة بعدم الصدق حقيقة وأنما هو في الإجارة تنزيل مع أن المعتبرة في الإجارة ليس إلا قبض العين المستأجرة لاستحقاق الأجرة بذلك لأنه يعتبر في ذلك قبض المنفعة حتى يلتزم بذلك ولا يجرى عليه أحكام القبض المنفعة بتمامها بمجرد تسليم العين وعلى هذا فالمسألة مما لا إشكال فيها نعم يبقى الاشكال فيما استثنوه من مطلق المنفعة وهو رهن خدمة المدبر وينبغي أن يتكلم قبل ذلك في رهن نفس المدبر من أنه هل هو أبطال لتدبيره أم لا فنقول إن فيه ترددا وخلافا وإن كان الوجه فيه وفاقا للمصنف وغيره من المتأخرين بل عن المسالك نسبته إلى الأكثر إن رهن رقبته إبطال لتدبيره كبيعه وهبته توضيحه إن ذات الرهن وإن لم يكن كالبيع والهبة منافيا للتدبير حيث إنهما يقتضيان الخروج عن الملكية فلا يعقل بقاء التدبير معهما وهذا بخلاف الرهن فإنه بنفسه لا يقتضى إلا تسليط الغير على البيع على تقدير عدم الفك فلا ينافي في هذا بذاته بقاء التدبير خصوصا إذا كان عازما على الفك وكذا ليس كالعرض على البيع في كونه ظاهرا في الرجوع عن التدبير حتى يكون فسخا فعليا بحسب الظاهر لما أشرنا من جواز عزمه على الفك وبقاء التدبير وليس فعله ظاهرا في خلاف هذا العزم حتى يدل على نقض التدبير وهذا بخلاف العرض على البيع ضرورة الفرق بين العزم على البيع المستكشف بفعله الذي هو عبارة عن العرض على البيع وتسليط الغير على البيع على تقدير ربما يعتقد عدم تحقق التقدير ولكن نقول إن إطلاق الرهن يقتضى إحداث حق للمرتهن في العين المرهونة به يستحق استيفاء دينه عنها عند حلول الأجل سواء بقي الراهن حيا أم لا وهذا ينافي التدبير لأنه يقتضى انعتاق العبد بموت المولى فلو تحقق الموت قبل حلول الأجل ينعتق العبد فلا يبقى للمرتهن سلطنة على استيفاء دينه عنه وهذا ينافي إطلاق الرهن
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»