مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٢
من الاخبار المزبورة فالقول بعدم وجوب القضاء كما أختاره السيد في عبارته المحكية عنه بعد أن نسبه إلى بعضهم ضعيف وأضعف منه ما حكى عن ابن إدريس من القول بحرمته تعبد الانتفاء ما يدل عليه إذ الاخبار المزبورة إنما تدل على فساد الصوم ووجوب القضاء عليه لا حرمته تعبدا كما هو واضح ويتلوهما في الضعف القول بوجوب الكفارة أيضا لمخالفته للأصل مضافا إلى عدم نقل الخلاف فيه عما عدى البعض الذي أرسل عنه السيد في عبارته المحكية عنه وإشعار بعض الأخبار المتقدمة وعدم التعرض في شئ منها للكفارة بعدمها وإطلاق اسم الافطار عليه في بعض الأخبار المتقدمة لو سلم كونه حقيقيا لا يجعله مندرجا في موضوع قوله من أفطر متعمدا فعليه كذا بعد انصراف هذا الاطلاق عرفا إلى الأكل والشرب لو لم نقل بكونه حقيقة فيهما كما أوضحناه في الاحتقان والمراد بلفظ الافطار في مثل هذه الموارد هو مطلق الافساد لا التشبيه بالاكل والشرب حتى يدعى أن مقتضى أطلاق التشبيه مساواتهما في الحكم لا في خصوص القضاء مع إمكان أن يقال إنه على تقدير إرادة التشبيه ينصرف إلى خصوص القضاء لأنه هو الوجه الظاهري الذي ينصرف إليه التشبيه ولو ذرعه القئ وسبقه قهرا لم يفطر كما يدل عليه جميع الروايات المزبورة منطوقا ومفهوما ويشهد له أيضا خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الذي يذرعه القئ وهو صائم قال يتم صومه ولا يقضى وفي حديث الزهري المروى عن الكافي عن علي بن الحسين عليهما السلام وأما صومه الإباحة فمن أكل أو شرب ناسيا أو قاء من غير تعمد فقد أباح الله له ذلك وأجزء عنه صومه مضافا إلى الأصل والصحيح الحاصر لما يضر الصائم فيما عداه مع أنه لا خلاف فيه على الظاهر عدى إنه حكى عن ابن الجنيد إنه أوجب القضاء به إذا كان من محرم ولعله مبنى على الحاقه بالعامد كونه مأمورا بقيئه وفيه أن هذا إن صلح وجها فهو لعدم البطلان بعمده على تقدير حصول تناوله سهوا بحيث لا يخل بصومه أو وقوعه في الليل ولم نقل بما نعيته عن انعقاد الصوم لا لكون سبق القئ قهرا من حيث هو ملحقا بعمده كما لا يخفى على المتأمل والسابع مما يوجب القضاء خاصة الحقنة بالمايع كما عرفته فيما سبق والثامن دخول الماء الحلق المتبرد دون التمضمض به للطهارة يعنى من أدخل فمه الماء فدخل حلقه أي جوفه بغير اختياره فإن كان متبردا فعليه القضاء وإن كان للمضمضة به للطهارة فلا شئ عليه على ما صرح به في المتن وغيره بل عن المنتهى إن هذا قول علمائنا وحكى عن طائفة من الأصحاب اختصاص حكم المضمضة للطهارة بما إذا كانت لصلاة فريضة دون غيرها وأختاره غير واحد من المتأخرين والأصل في المسألة أخبار مستفيضة منها ما عن الشيخ في الموثق عن سماعة في حديث قال سئلته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه قال عليه قضائه وإن كان في وضوء فلا بأس به وعن الصدوق بإسناده عن سماعة بن مهران نحوه إلا إنه قال سئل أبا عبد الله الحديث وخبر الريان بن الصلت عن يونس قال الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وإن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فلا شئ عليه وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة والأفضل للصائم أن لا يتمضمض وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه قال أن كان وضوئه لصلاة فريضة فليس عليه شئ وإن كان وضوئه لصلاة نافلة فعليه القضاء وموثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم قال ليس عليه شئ إذا لم يتعمد ذلك قلت فإن تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء قال ليس عليه شئ قلت فإن تمضمض الثالثة قال فقال قد أساء ليس عليه شئ ولا قضاء وهذه الروايات بظاهرها مختلفة المفاد وأما موثقة سماعة فهي بظاهرها مع قطع النظر عما يقتضيه الجمع بينها وبين ما عداها ظاهرة الانطباق على ما نسب إلى المشهور ولكن لا يبعد أن يكون قوله عليه السلام في وضوء جاريا مجرى التمثيل بأن يكون المراد به مطلق ما كان لحاجة شرعية أو عرفية بحيث يعم ما قصد به التداوي أو إزالة الدم من فمه ونحوهما في مقابل ما ليس كذلك كما أنه يحتمل أن يكون المقصود به التمثيل للطهارة بحيث يتناول الغسل لا مطلق الحاجة أو يكون المراد خصوصه لا المثال وعلى أي تقدير فإن قلنا بظهور الشرطية في إرادة التعليق والانتفاء عند الانتفاء فمفهومها أن ما ليس كذلك موجب للقضاء مطلقا فالمضمضة لا لحاجة من غير عطش هو القدر المتيقن الذي يفهم حكمه منه على أي تقدير وأما إن قلنا بأن الشرطية في مثل هذه الموارد المسبوقة بحكم موهمة للعموم بمنزلة الاستدارك وليس لها ظهور في إرادة الانتفاء عند الانتفاء كما هو مقتضى الانصاف فلا تدل الرواية إلا على حكم المضمضة من العطش والمضمضة للوضوء نعم يستفاد منها حكم المضمضة للغسل أيضا بعدم القول بالفصل مع غلبة الظن بإرادة التمثيل للطهارة من الوضوء لا خصوصه وأما المضمضة للتداوي ونحوه أو عبثا لا للتبرد فلا يمكن استفادة حكمها منها لخروجها عن موضوعها ولا يصح إلحاقها بالمضمضة من العطش لكونه قياسا مع الفارق لامكان أن يكون للعطش مدخلية في سببتها للقضاء حيث أن له تأثيرا في اقتضاء الطبع أن يسبق إليه الماء فيكون أشبه بالعمد مما كان للتداوي ونحوه فالوجه حينئذ فيما عدى المضمضة من العطش نفى القضاء مطلقا و لو كانت عبثا فضلا عما لو كانت للتداوي كما ستسمع أخباره من المصنف في الفرع الآتي لاشتراط العمد في مفطرية الأكل والشرب وهو غير حاصل في الفرض ويؤيده أيضا بل يدل عليه إطلاق قوله عليه السلام عليه شئ من غير استفصال في جواب السؤال عن إن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء في موثقة عمار المتقدمة ودعوى انصراف هذه الموثقة إلى إرادة المضمضة للطهارة لمعهودية التثليث فيها فتعريف الثانية والثالثة في كلام السائل قرينة مرشدة إلى أرادتها مدفوعة بعد تسليم كون معهوديتها على وجه توجب صرف اللام في لفظ الثانية والثالثة إلى إرادة العهد دون الجنس بأن هذا لا يقدح في الاستدلال بإطلاق الجواب عما سئله أولا إذ ليس في سؤاله الأول إشعار بإرادة خصوص المضمضة للطهارة وقد أجابه عليه السلام بأنه لا شئ عليه من غير استفصال فدلالة سؤاله ثانيا أو ثالثا على إن مورد السؤال هي المضمضة للطهارة لا يقتضى قصر الجواب الواقع قبله على خصوص مورده إذ لو
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»