مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٩٨
الفجر فليتأمل وحكى عن الشيخ في الخلاف انه لم يجوز فعل المفطر مع الشك واستدل له بقاعدة المقدمية وفيه بعد الغض عن مخالفتها الظاهر الآية والروايات ان استصحاب بقاء الليل حاكم على قاعدة الاحتياط مع أن تمت القاعدة فلا فرق بين الشك والظن الذي لم يدل دليل على اعتباره كما لا يخفى على المتأمل وأما وجوب القضاء فيدل عليه مضافا إلى الأصل المقرر في صيام شهر رمضان من كونه فرع فوات الصوم الذي هو عبارة عن الامساك في مجموع النهار جملة من الروايات منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل تسحر ثم خرج من بيته وقد طلع وتبين قال يتم صومه ذلك ثم ليقضه فان تسحر في غير شهر رمضان بعد الفجر افطر الحديث وموثقة سماعة قال سئلته عن رجل اكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان فقال إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فاكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه وإن كان قام فاكل وشرب ثم نظر إلى الفجر فرأي انه قد طلع الفجر فليتم صومه ويقضى يوما آخر لأنه بدء بالاكل قبل النظر فعليه الإعادة ورواية علي بن أبي حمزة عن أبي إبراهيم عليه السلام قال سئلته عن رجل شرب بعد ما طلع الفجر وهو لا يعلم في شهر رمضان قال يصوم يومه ذلك ويقضى يوما آخر وإن كان قضاء لرمضان في شوال أو غيره فشرب بعدم اطلع الفجر فليفطر يومه ذلك ويقضى إلى غير ذلك من الاخبار الآتية في المسائل الآتية واما نفى الكفارة فللأصل ثم إن ظاهر المتن كصريح المدارك وغيره بل المعروف بين الأصحاب كما في الجواهر بل عن الرياض بلا خلاف أجده انه لا قضاء على العاجز عن المراعاة كالمحبوس ونحوه للأصل واختصاص الروايات المتضمنة لوجوب القضاء بحكم التبادر وغيره بالقادر على المراعاة فيبقى ما عداه على حكم الأصل وفيه ما أشرنا إليه من تفريع القضاء على فوات الصوم في وقته ولذا لا يظن بأحد ان يلتزم ببطلان صومه وعدم وجوب القضاء عليه بل صرح بعض بالاجماع على الملازمة بنى البطلان والقضاء واما بطلان الصوم بتناول المفطر بعد طلوع الفجر فهو على وفق القاعدة لانتفاء حقيقة الصوم واقعا ولذا صرح غير واحد بفساد الصوم بتناول المفطر بعد الفجر في غير شهر رمضان ولو مع المراعاة فلا يجوز رفع اليد عما يقتضيه هذا الأصل الا ان يدل دليل شرعي تعبدي على مضى عمله كما في الناسي والمراعى للفجر في شهر رمضان وهو منتف في المقام مع أن دعوى اختصاص النصوص الدالة على القضاء قابلة للمنع بل رواية علي بن حمزة ظاهرة في الاطلاق فالقول بوجوب القضاء عليه مع أنه أحوط لا يخلو عن قوة والثاني الافطار اخلادا إلى من اخبر ان الفجر لم يطلع مع القدرة على عرفانه ويكون طالعا بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر بل عن الغنية الاجماع عليه لأصالة عدم الكفارة وثبوت القضاء بالتقريب الذي عرفته انفا ويدل عليه مضافا إلى ذلك والى اطلاق بعض الأخبار المتقدمة خصوص خبر معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام امر الجارية ان تنظر اطلع الفجر أم لا فتقول لم يطلع بعد فاكل ثم انظر فأجده قد كان طلع حين نظرت قال تتم يومك ثم تقضيه اما انك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضائه وظاهره كظاهر الموثقة سقوط القضاء مع مراعاته بنفسه واحتمال إرادة انك لو كنت نظرت لم يكن يصدر منك الخطاء حتى تقع في كلفة القضاء وكذا في الموثقة احتمال انه لم يكن يشتبه عليه الفجر مع المراعاة خلاف ظاهر الخبرين خصوصا بعد وقوع السؤال في الموثقة عن الأكل والشرب بعد ما طلع الفجر مع أنه بحسب الظاهر مما لا خلاف فيه بل عن صريح الانتصار وظاهر المنتهى وغيره دعوى الاجماع عليه وقضية اطلاق النص والفتوى سقوط القضاء مع المراعاة التي يباح معها الأكل والشرب أي المراعاة التي لم يتبين له بها الفجر سواء جزم ببقاء الليل أو ظن به أو تردد فيه أو ظن بخلافه بعد ان رخصه الشارع في الاكل حتى لا يشك كما وقع التصريح به في بعض الأخبار المتقدمة بل الموثقة المزبورة بملاحظة التعليل الواقع في ذيلها كادت تكون صريحة في ذلك فما في الجواهر من الاستشكال فيه مع الشك أو الظن بالطلوع حيث قال بعد ان اعترف بظهور النص والفتوى في ذلك ما لفظه ويشكل ذلك باطلاق ما دل على القضاء بتناول المفطر وبانه أولى بذلك من الظان ببقاء الليل باخبار الجارية و الاستصحاب ومن هنا مال إليه في الروض وهو أحوط ان لم يكن أقوى انتهى كأنه في غير محله لحكومة النص الخاص على اطلاق أدلة القضاء والا لسرى الاشكال إلى صورة الظن أو الجزم ببقاء الليل أيضا وليس فرض حصول الشك فرضا نادرا حتى يمكن دعوى انصراف النص عنه بل هو الغالب في الموارد التي يتبين الخلاف نعم لا يبعد ان يدعى ان الغالب ترك الأكل مع الشك أو الظن بالفجر احتياطا وهذا ان سلم فليس موجبا لانصراف النص عنه وعدم استفادة حكمه منه على تقدير تركه لهذا الاحتياط مع كون المورد من أشبع موارده وليس المدار في هذا الحكم على الظن حتى يدعى أولويته من الظن الحاصل من اخبار الجارية أو الاستصحاب بل لنفس المراعاة من حيث هي دخل هذا الحكم كما يومى إليه التعليل الواقع في ذيل الموثقة ولا أقل من احتماله المانع عن المقايسة المزبورة ومن هنا قد يقوى في النظر عدم العرق في ثبوت القضاء لدى الاعتماد على قول الغير بأن الفجر لم يطلع بين كون ذلك الغير فاسقا أو عادلا بل عدولا خلافا لما عن المحقق والشهيد الثانيين وغيرهما فأسقطوا القضاء بالعدلين لكونهما حجة شرعية بل عن غيرهما الاكتفاء بالعدل الواحد بناء على حجية قوله في الموضوعات وهو ضعيف إذ ليس المدار في سقوطه على كون التناول بحجة شرعية والا لكفى الأصل كما عرفت بل على مباشرة المراعاة فبدونها يبقى تحت اطلاق ما دل على القضاء مما عرفت وحجية قول العدلين أو العدل لا تنافى ثبوت القضاء عند انكشاف الخطاء كما في الاخبار برؤية الهلال ونحوها من الموضوعات الخارجية والثالث ترك العمل بقول المخبر بطلوعه أي الفجر والافطار لظنه كذبه للسخرية ونحوها بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويظهر وجهه مما يدل أيضا على ثبوت القضاء رواية عيص بن القسم عن الصادق عليه السلام قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت فنظر فناداهم فكف بعضهم وظن بعضهم انه يسخر فاكل فقال يتم صومه ويقضى وقضية اطلاق المتن وغيره عدم الفرق في نفى الكفارة بين تعد المخبر واتحاده وعدالته خلافا للمحكى عن جماعة فاستقربوا الكفارة باخبار العدلين بل باخبار العدل الواحد بناء على حجيته في الاخبار بدخول الوقت لعدم جواز التعويل على الأصل حينئذ وصيرورته بحكم
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»