مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٣
كان لخصوصيتها مدخلية في الحكم لكان مقتضاها الاستفصال عنه قبل الجواب واحتمال كونها معهودة لديهم في السؤال الأول أيضا مدفوع بالأصل وإلا لمنع ذلك عن الاستدلال بالاطلاق ولو لم يكن يصدر منه سؤاله الثاني والثالث أيضا كما لا يخفى وأما صحيحة الحلبي فهي صريحة في نفى القضاء في المضمضة لخصوص صلاة الفريضة وثبوته في الوضوء للنافلة فيفهم منه ثبوته في المضمضة عبثا ونحوه بالأولى ويؤيده أيضا خبر يونس فإنه كاد أن يكون صريحا في ثبوته في المضمضة لغير الطهارة مطلقا بل ظاهره اختصاص نفى القضاء بالمضمضة للفريضة في وقتها دون ما عداها حتى المقضية والنافلة فضلا عن المضمضة لغير الطهارة ولكن هذه الرواية لضعف سندها واحتمال كونها كلام يونس لا يصلح إلا للتأييد لما تضمنته صحيحة الحلبي فعمدة ما يصح الاستناد إليه للقول باختصاص نفى القضاء بالمضمضة لصلاة الفريضة كما قال به أو مال إليه غير واحد من المتأخرين هي هذا الصحيحة ولا يصلح لمعارضتها شئ مما ذكر من الأصل والاطلاق وقاعدة ترك الاستفصال لوجوب رفع اليد عن جميع ذلك بالنص على ثبوته في وضوء النافلة ولكن استفاضة نقل الاجماع على نفى القضاء في المضمضة للطهارة مطلقا وشذوذ القول بالتفصيل بين الوضوء للفريضة والنافلة وإمكان ارتكاب التأويل في الصحيحة بحمل القضاء على الاستحباب أشكل الاعتماد على ظاهرها في مقابل ما عرفت إلا أن رفع اليد عن هذا الظاهر من غير معارض مكافؤ ما لم يتحقق أعراض المشهور عنها أشكل فالقول بثبوت القضاء في وضؤ النافلة إن لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط ولكن التعدي إلى غيره كالمضمضة عبثا أو للتداوي ونحوه موقوف على دعوى الأولوية وتنقيح المناط ونحوه وهى بالنسبة إلى العبث ونحوه غير بعيدة وفيما كان للتداوي قابلة للمنع والله العالم ثم إن ما ذكرناه من وجوب القضاء بدخول الماء إلى الجوف لا عن عمد بالمضمضة للتبرد وغيره إنما هو فيما لو سبق الماء إلى جوفه قهرا وأما لو وصل إليه سهوا بأن وضع الماء في فيه للمضمضة أو لغرض أخر ولو عبثا ثم نسي صومه أو وجود الماء في فيه فابتلعه فلا شئ عليه لعموم ما دل على عدم مفطرية ما صدر سهوا وانصراف النصوص المتقدمة الدالة على القضاء عنه فما عن ظاهر المعتبر أو صريحه من ثبوت القضاء في السهو أيضا ضعيف ونظيره في الضعف ما عن غير واحد من إلحاق الاستنشاق بالمضمضة في الحكم المزبور إذا لا دليل عليه عدى القياس الذي لا نقول به واعلم أن المعروف من مذهب الأصحاب جواز المضمضة للصائم مطلقا سواء كانت في الطهارة أو في غيرها ولو للتبرد أو عبثا خلافا لظاهر كلام الشيخ في محكى الاستبصار حيث أنه بعد أن روى خبر زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام في صائم يتمضمض قال لا يبلع ويقه حتى بزق ثلاث مرات قال ما لفظه قال محمد بن الحسن هذا الخبر مختص بالمضمضة إذا كانت لأجل الصلاة فأما للتبرد فإنه لا يجوز على حال يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الريان بن الصلت عن يونس قال الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وإن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فلا شئ عليه والأفضل للصائم أن لا يتمضمض إنتهى هكذا نقل كلام الشيخ في نسخة المدارك الموجودة عندي ولعلما مشملة على السقط فإنه روى في الوسائل هذه الرواية عن محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الريان بن الصلت عن يونس ثم ساق الحديث كما نقلناه سابقا ثم قال محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله فالظاهر إن استدلال الشيخ بهذه الرواية ليس بما في ذيلها من أن الأفضل للصائم أن لا يتمضمض كما توهم فإنه على خلاف مطلوبه أدل بل بالفقرة السابقة من العبارة المزبورة وهو وأن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة بناء منه على ما يظهر من كلمات غير واحد منهم من دعوى الملازمة بين الرخصة في المضمضة و عدم سببية ما وصل إلى الجوف منها قهرا للافساد وإلا لكان مقتضى وجوب الصوم إيجاب الكف عنه بترك مقدمته الاختيار رية وهى المضمضة وفيه منع الملازمة بعد أن الفعل أي الوصول إلى الجوف لا يخرج عادة بهذه المقدمة عن اختياره بل غاية ما يلزمه الرخصة في المضمضة قبح المؤاخذة على ما يترتب عليها قهرا لا عدم بطلان الصوم بوصول الماء إلى الجوف قهرا من باب الاتفاق وكيف كان فالاستدلال بالرواية المزبورة لمدعاه ضعيف دلالة وسندا فالقول بالحرمة مع شذوذه مما لا دليل عليه وأضعف منه ما حكى عنه في التهذيب من القول بأنه لو تمضمض لغير الصلاة فدخل حلقه فعليه الكفارة والقضاء إذ لا مقتضى للكفارة حتى في نحو التبرد الذي أوجبنا القضاء فيه لاشتراطها بحصول الشرب عمدا كما عرفته فيما سبق وهو منتف في الفرض وأما خبر المروزي قال سمعته يقول إذا تمضمض الصائم أو استنشق متعمدا أو كنس بيتا فدخل في أنفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فإن ذلك له فطر مثل الأكل والشرب والنكاح فلا يصلح أن يكون مستندا له فإنه لا يقول بظاهره من الاطلاق وباب التأويل واسع فكما يحتمل أن يكون المراد به ما لو تمضمض وأستنشق متعمدا فوصل الماء إلى جوفه قهرا كذلك يحتمل أن يكون المراد به ما إذا أوصل الماء إلى جوفه بالمضمضة والاستنشاق متعمدا بل حمله على إرادة هذا المعنى أوفق بما يقتضيه الجميع بينه وبين غيره مما دل على شرطية العمد في سببية الشرب للكفارة بل أنسب بإقحام لفظ متعمدا في البين فإنه لو أريد به تقييد نفس المضمضة والاستنشاق من حيث هما بالعمد لكان ذكره مستدركا إذ المتبادر من قوله إذا تمضمض وأستنشق ليس إلا صورة العمد ولو أريد به ما يقابل ناسي الصوم لكان الأنسب ذكره بعد أو كنس بيتا لاشتراك الجميع في ذلك فإقحامه في البين مشعر بإرادته بالنسبة إلى وصوله إلى الجوف الذي هو سبب للبطلان حيث إن سببية المضمضة والاستنشاق له ليست قهرية حتى يكون عمديتهما كافية في اتصاف الوصول إلى الجوف بالعمد بخلاف كنس البيت ونحوه هذا كله مضافا إلى ضعف الرواية وعدم صلاحيتها في حد ذاتها لاثبات مثل هذا الحكم كما عرفته في محله والتاسع مما يوجب القضاء خاصة معاودة الجنب النوم ثانيا حتى يطلع الفجر ناويا للغسل بل وكذا ثالثا فما زاد على الأظهر كما تقدم تحقيقه وشرح حال ما لو أستمر نومته الأولى
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»