مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٨
القول بورود التخصيص عليها بلزوم الوفاء بالعقود فلا يلاحظ دليل اعتبار القبض إلا بالنسبة إلى عمومات الوفاء مدفوع بأن دليل لزوم الوفاء بالعقد ليس مخصصا لهذه الأدلة بل هذه مقيدة له ولذا اعتبرنا في صحة العقود كونها عن طيب نفس المالك فكما إنها تقتضي اعتبار الرضا في أصل العقد كذلك تقتضي استمراره إلى أن ينقضي تمام السبب إذ لو لم يكن كذلك لما تحقق الرهن عن طيبه إذ يصح اتصافه بذلك إذا كان الجزء الأخير من السبب مقارنا مع طيب نفسه مثلا لو باع شيئا ورضي به إلى أن ينقضي تمام السبب أعني الايجاب والقبول لا يكون لزوم هذا البيع منافيا لسلطنته واعتبار رضاه بل يؤكده وهذا بخلاف ما لو بداله قبل تمامية السبب كما لو رجع قبل تحقق القبول حيث إنه حينئذ باق في ملكه وهو كاره خروجه فلا يقع وكذا فيما نحن فيه لو لم يرض بالقبض الذي هو جزء السبب ولم يأذن به أو أذن في قبضه ثم بداله فرجع عن إذنه قبل قبضه لا يصح وتوهم تمامية ما ذكر لو تحقق الكراهة قبل تمامية ما هو السبب عند العرف وهذا بخلاف ما لو أعتبر الشارع في ترتب الأثر أمرا خارجيا تعبديا كطيران في السماء فلا ينافي كونه خارجا عن اختيار المالك في اتصاف البيع بكونه اختياريا بنظر العرف بعد إيجاد تمام ما هو السبب عندهم باختياره مدفوع بأن اعتبار الشارع كاشف عن مدخليته في النقل وعدم تحقق النقل بدونه وحكم العرف بكون النقل اختياريا لأجل خطائهم في السبب حيث أنهم يزعمون السبب ما عدى ذلك وإلا فلا فرق في ذلك عند العقل بين الامر الذي أعتبر العرف أو بينه الشارع وهذا ظاهر وبهذا ظهر لك إن دعوى تخصيص هذه الأدلة بإطلاق قوله (ع) لا رهن إلا مقبوضا كتقييد دليل وجوب الوفاء بالعقود غير مسموعة إذ بعد تسليم ظهورها في الاطلاق والغض عن عدم كون هذه الرواية ناظرة إلا إلى بيان إشتراط القبض في الجملة وإنه بالنسبة إلى هذه الجهات مهملة ففيه إن هذه القواعد المتقنة المحكمة المؤيدة بالعقل والنقل لا يجوز رفع اليد عنها بمجرد ظهور اللفظ في الاطلاق خصوصا في مثل المقام الذي ربما يدعي انصرافها في حد ذاتها إلى المقبوضية التي تحققت بإذن المالك وليس بالبعيد وأضعف من ذلك دعوى الاقتصار على القدر المتيقن من التقييد وهو مطلق القبض بعد البناء على إهمال دليل المقيد كما لا يخفى فظهر اعتبار الاذن مما لا إشكال فيه مضافا إلى دعوى نفى القول الثالث بل يمكن دعوى الاجماع التقديري بأن يقال الكل مطبقون على إنه لو أعتبر القبض للزوم أن يكون عن إذن فيثبت الحكم بالاجماع بعد أثبات المعلق عليه فتدبر وكذا لا يصح الرهن لو نطق بالعقد ثم جن أو أعمى عليه أو مات قبل القرض مثلا على إشكال فيها خصوصا في الأولين منها ولا سيما في أوسطها خصوصا إذا بنينا على إن القبض معتبر في اللزوم دون الصحة فإن القول بالصحة فيها على هذا التقدير قوى هذا إذا لم ينعقد الاجماع في المسألة على البطلان من القائلين باعتبار القبض ومن النافين أيضا على تقدير اعتباره حتى يمكن دعوى الاجماع التقديري وعدم القول بالفضل وإلا فإتمام المسألة بجميع فروضها على القواعد في نهاية الاشكال واستدلوا للبطلان بأدلة منها ما يناسب القول باعتباره في الصحة ومنها ما يناسب القول باعتباره في اللزوم أما القسم الأول فمنها ظهور ما دل على شرطية الاختيار في اعتباره إلى تمام السبب فيجب أن يكون الاختيار باقيا إلى أن يتحقق القبض والمفروض انتفائه بأحد هذه الأسباب فيبطل العقد ومنها إصالة الفساد في المعاملات وأما القسم الثاني فهو إنه حينئذ من العقود الجائزة المعلوم بطلانها بعروض هذه الأشياء كالعارية والوديعة والوكالة ونظائرها ويمكن الخدشة فيها أما في الأول فبأن ما دل على شرطية الاختيار مثل قوله عليه السلام لا يحل مال امرأ إلا عن طيب نفسه أو الناس مسلطون على أموالهم وكذا الاجماع على اعتبار الاختيار في تأثير الأسباب لا يثبت بها إلا اعتبار طيب نفس من يتحقق التصرف في متعلق سلطنته وهو في الفرض الوارث أو الولي أو هو بنفسه لو أفاق عن جنونه وإغمائه قبل القبض فلو رضى من بيده سلطنته المال على تحقق الرهن وإمضائه وإذن بالقبض وفاء للعقد السابق لا بعنوان إنه رهن مستقل معاطاتي يجب الوفاء به لتحقق العقد والقبض والاذن ممن له ذلك ودعوى عدم شمول دليل وجوب الوفاء للعاقد لعدم تمامية العقد بالنسبة إليه ولا للوارث لعدم صيرورته عقدا له بالرضا بالقبض مع أنها قاصرة عن أثبات تمام المدعى لعدم الشمول فيما لو أفاق هو بنفسه عن جنونه أو إغمائه غير مسموعة بعد البناء على صحة العقد الفضولي بمقتضى القواعد إذ لا يقصر ما نحن فيه عنه فليتأمل وما يظهر من بعض في مثل المقام من إن تلفيق السبب مما لم يعلم شرعيته فلا يؤثر ففيه إنه بعد تحقق العقد عرفا واحتفافه بالشرائط الثابتة بالشرع بطلانه يحتاج إلى دليل إذا الأصول والقواعد في مثل الفرض يكفي في الصحة كما لا يخفى وبهذا ظهر الخدشة في الدليل الثاني أعني إصالة الفساد أيضا حيث إن دليل وجوب الوفاء بالعقد حاكم عليه وتوهم ورود التخصيص عليه بما قبل القبض فالمقام مما يجب فيه استصحاب حكم المخصص لا التمسك بالعام كما تقرر في محله مدفوع بأن القبض أعتبر قيدا للرهن الذي يجب الوفاء لا أن ما قبله خارج عن حكم وجوب الوفاء حتى يكون مخصصا في بعض أحوال الفرد فيستصحب في زمان الشك ويفصح عن ذلك كونه شرطا أو ظهور الدليل في ذلك وأما في الثالث فبأن المسلم من البطلان في العقود الجائزة بهذا الأشياء إنما هو في العقود الإذنية التي لا تتقوم إلا يتحقق الاذن حقيقة أو حكما كما في الغافل والنائم مثل الوكالة والوديعة والعارية والإباحة ونظائرها ضرورة سقوط الاذن الذي لا يتقوم هذه العقود إلا به بضنه هذه الأشياء لخروج صاحبها عن الأهلية فيرتفع ما لا يتقوم إلا بالاذن وأما فيما يؤل إلى اللزوم كالبيع الخياري فلا وما نحن فيه من القسم الثاني لا الأول مبصر هذا ولكن يمكن أن يدعي انصراف ما دل على اعتبار القبض إلى القبض الذي يكون من قبل المالك نفسه صادرا عن طيب نفسه لا المقبوضية مطلقا ولو كان من شخص آخر غير العاقد أو لم يكن واقعا عن إذنه وسره إن من الامر المركوز في ذهن العقلاء مع قطع النظر عن الحكم الشرعي إن العقود التي ليست من قبيل المعارضات بل من قبيل الهبات والصدقات مما لا يقتضي الخسارة إلا من طرف واحد لا يعتنون بمجرد العقد وإنشاء الهبة مثلا لو قال لزيد إن دارى أو فرسى لك لا يعدون أهل العرف زيدا صاحب دار أو فرس بل لو سئل عن زيدا لك فرس يقول وعدني فلان ولا يقول نعم مع أنه إنشاء
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»