مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢١٢
سماعها لعموم البينة على المدعى واليمين على من أنكر ومن هذا ظهر الوجه في سماع دعوى الخطاء في الطريق حيث إن إحراز عدمه إنما هو بأصالة عدم الخطاء لا بمدلول الاقرار ومعلوم إن كل دعوى على خلاف الأصل مسموع بمعنى إنه يجب على مدعيها الاثبات وما ذكرنا من سماع الدعوى في هذه المقامات لا ينافي الالتزام بكونه سببا ظاهريا تعبديا بل كونه سببا ظاهريا وعدم كونه ناقلا في الواقع يقتضى ذلك نعم لو بنينا على إن ما هو ظاهر الاقرار نافذ واقعا فيكون الظاهر سببا واقعيا لم يكن وجه لسماع الدعوى في هذه الموارد ولكنك قد عرفت خلافه وأيضا ما ذكرناه من السماع ليس مطلقا بل هو مقصور على ما لو شهد على ما يدعيه من خلاف الظاهر شئ من قرائن الأحوال بأن يستند إلى مستند يستند إليه العقلاء في ارتكابهم بمثل ما يدعى ارتكابه ككون الاقرار على رسم القبالة وغيره من القرائن إذ ليس كل دعوى يسمع ولو كانت بعيدة عادة كدعوى إرادة خلاف الظاهر مما له ظاهر مع عدم مساعدة شئ من القرائن على صدق دعواه ومن هذا القبيل دعوى المزاح بإقراره مما لا يعتنى العقلاء بمثلها في مقابل الظهورات المعتبرة وذلك لانصراف أدلة سماع الدعاوى إلى الدعاوى المعتبرة عند العقلاء كيف ولو بنى على سماع كل دعوى لا نفتح باب الدعاوى الباطلة كما لا يخفى وحاصل الكلام في معنى الرواية إن المستفاد منها أن العاقل ملزم بما ألتزم به على نفسه فهذا حكم تعبدي من الشارع في مرحلة الظاهر فيترتب عليه أحكامه ما لم يعلم خلافه هذا حكم الاقرار وأما تعيين الاقرار وان المقر به أي شئ فالمتبع في تعيينه هو العرف فلا بد في إحراز المراد والموضوع من أعمال القواعد العرفية مثل أصالة عدم القرينة وأصالة عدم السهو وغيرهما من الأصول وكل دعوى في مقابل شئ منها مسموعة بمعنى أنه يجب على المدعى أثباتها وإلا فالأصل ينفيه هذا فيما لو أدعى ما ينافي صدق الاقرار أو ما هو المراد من لفظ ما أقر به مثل دعوى معنى مجازى أو غيرها وأما دعوى الخطاء في طريق الحكم فعموم الحكم بالنفوذ وكونه تعبديا وإن كان يقتضى عدم الاعتناء بها غاية الأمر إنه بعد فرض كونه حكما ظاهريا لو ظهر بنفسه مخالفته للواقع يرفع اليد عن قضية الاقرار وإلا فيحكم على مقتضى الاقرار ولو مع العلم بخطاء الطريق فضلا عن دعواه إلا إن الظاهر من الكلام خصوصا بملاحظة إضافة الاقرار إلى العقلاء إن الحكم ليس تعبديا محضا بل لأجل مناسبة بين الحكم وموضوعه وهو كونه التزام العاقل من حيث إنه عاقل وهذا لا محالة ينصرف إلى الاقرارات الواقعية التي يكون العاقل ملتفتا إلى جميع أطرافه وبعبارة أخرى ينصرف إلى الاقرارات التي يكون طريق العاقل إليه علما بأن لا يكون مخطأ في كلامه ويكون معتقدا لما يقول اعتقادا واقعيا فإذا أدعى الخطاء في الطريق وكون إقراره من الافراد المنصرف عنها الاطلاق الخارجة عن موضوع الحكم بالنفوذ ومعلوم أن دعواه هذه الأمور مخالفة للأصول العقلائية مثل إصالة عدم الخطاء وغيره فما لم تثبت يحكم بنفوذ الاقرار لكون الموضوع محرزا بالأصل حال الشك إلا أن له إثبات ما يدعيه وسماع دعواه في المقام لعدم منافاته نفوذ الاقرار المعتبر ضرورة أن إثبات كونه من القسم المعتبر من الاقرار إنما هو بالأصل على الفرض وكل دعوى في مقابل الأصل مسموعة إلا أن لا تكون نفس الدعوى عقلائية وكذا ينصرف الاطلاق عما يعترف به العقلاء كذبا لأغراض آخر فدعوى كون إقراره من هذا القبيل مخالفة لظاهر كلامه من حيث أفادته لازم الخبر وهو كون المخبر عالما به معتقدا له فدعواه مخالفة للظاهر الذي هو الأصل في مباحث الألفاظ فأفهم بقي الكلام فيما ذكرنا استطرادا من أنهم حكموا في مثل ما لو أقر لزيد بدار ثم أقربها لعمر ويلزم بدفعها لمن أقر له أولا وبد لها لمن أقر له ثانيا مع أن أحدهما كذب يقينا ووجهه ما ذكرنا من عدم دوران اعتباره مدار الطريقية حتى يسقط في الفرض كلاهما عن الاعتبار بل اعتباره من باب التعبد فيعمل على وفق مقتضاه ما لم ينكشف خلافه كما هو قضية كونه سببا ظاهريا وأما العلم الاجمالي في مثل الفرض فلا يسقطه عن الاعتبار لأنه تعلق بواقعتين مستقلتين لا ارتباط لأحدهما بالاخر فلكل منهما إلزامه بما أقر به له وليس كل واقعة منهما معلوما كذبها فيثبت بإقراره لكل منهما بحسب الظاهر ما أقر له فيدفع العين المقر بها للأول ثم بمقتضى إقراره الثاني يلزم بدفع القيمة للثاني لأن مقتضى إقراره الثاني أنه أتلف مال عمرو بإقراره السابق فبالنسبة إلى شخص العين لا ينفذ إقراره لصيرورته مال الغير بالاقرار الأول وأما بالنسبة إلى لازم كلامه وهو ثبوت ضمانه عليه فينفذ في حقه فيلزم بدفع القيمة هذا بالنسبة إلى نفس الشخصين الذين أقر لهما وأما بالنسبة إلى الحاكم الذي يلزمه بدفع العين والبدل مع علمه بعدم استحقاق واحد منهما فوجهه إن علم الحاكم في مثل المقام لا يؤثر في شئ لأن الحاكم منصوب لفصل الخصومات وإيصال حق كل ذي حق إليه فبعد حكمه لكل منهما بجواز العمل بظاهر إقراره ما لم يحصل في حقه بالخصوص مخالفة قطعية فلازمه إنهما لو رفعا أمرهما إلى الحاكم أن يلزم المقر بدفع العين والبدل وليس هذا إلا كفتواه بجواز الصلاة لكل من واجدي المني في الثوب المشترك فلو كانا أجيرين للصلاة عند أحد يستحقان الأجرة كلاهما ولو رفعا أمرهما إلى الحاكم في أخذ الأجرة فعلى الحاكم إلزام المستأجر بدفع الأجرة إلى كليهما مع علمه بفساد صلاة أحدهما ولتفصيل الكلام في هذا المجال مقام آخر في ما ذكرناه كفاية لمن تأمل وبما ذكرنا ظهر الوجه في الفروعات المذكورة في المقام من نفوذ الاقرار لو أقر بالقبض ما لم يعلم كذبه وعدم قبول رجوعه وسماع دعواه لو أدعى المواطاة على الاشهاد فلاحظ وتأمل وأما وجه توجه اليمين على المرتهن فلكونه منكرا وأما اليمين المتوجه إليه فهل هي على نفى العلم أو نفى الواقع فلبيانه وتفصيل الكلام فيه مقام آخر والله العالم ولا إشكال ظاهرا في أنه لا يجوز تسليم المشاع وإقباضه المعتبر في الرهن المتوقف على تحقق القبض فعلا في الخارج إلا برضا شريكه سواء كان مما ينقل أولا ينقل على الأشبه وأما فيما ينقل فواضح لعدم تحقق صدق القبض الذي هو من فعل المرتهن إلا بالتصرف في العين المشاعة وهو محرم لأنه تصرفا في مال الغير من غير إذنه وأما فيما لا ينقل فلمنع كون مجرد التخلية التي ليست تصرفا فعليا من قبل المرتهن قبضا حقيقة وتسليم رفع الضمان في مسألة البيع بمجرد التخلية التي هي من فعل المالك لا يستلزم الالتزام بصدق القبض الذي هو من فعل المرتهن فيما نحن فيه إذ من الجائز أن يكون الوجه في رفع الضمان في مسألة البيع هو تمكين المالك وإزاحة المانع من قبل نفسه لا تحقق القبض الحقيقي الفعلي مع أن الالتزام برفع الضمان أيضا مع عدم استيلائه فعلا للمانعة الشريك بمجرد دفع المفتاح إليه وتخلية سبيله من حيث نفسه قابل للمنع فكيف في المقام الذي يعتبر فيه القبض من المرتهن الذي لا
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»