مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٩٢
يتم ذلك وليس عليه شئ إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه وقضية اطلاق أغلب النصوص وفتوى المعظم بل الكل كما يظهر من بعض عدم الفرق بين انحاء الصوم مضافا إلى صراحة بعضها كخبر أبي بصير المتقدم في النافلة فما عن العلامة في أجوبة المسائل المهنائية والتذكرة من القول بالفساد في الواجب الغير المعين والمندوب على تقدير تحقق النسبة ضعيف واستدل له أيضا شيخنا المرتضى (ره) بعموم كلما غلب الله تعالى على عباده فهو أولى بالعذر بالتقريب الذي تقدم في الجاهل مع ما فيه وكذا أو اكره على الافطار أو رجل في حلقه بلا خلاف على الظاهر في الأخير بل وكذا في الأول إذا بلغ خوفه إلى حد اضطر من الخوف إلى إطاعة امره قبل ان يتصور الغايات المترتبة على فعله من كونه مفسدا لصومه أو مضرا ببدنه أو مهلكا له أو كون تركه موجبا لوقوعه فيما يخاف منه لخروج الفعل حينئذ كصورة الايجاد في الحلق عن الاختيار الذي لا شبهة في اعتباره في مفطرية المفطرات كما ارسله الأصحاب في كلماتهم ارسال المسلمات ويؤمى إليه تعليل القضاء على من افطر لظلمة موهمة بأنه اكل متعمدا في موثقة سماعة قال سئلته عن قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم السحاب السود عند غروب الشمس فروا انه الليل فأفطر بعضهم ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس فقال على الذي افطر صيام ذلك اليوم ان الله عز وجل يقول وأتموا الصيام إلى الليل فمن اكل قبل ان دخل الليل فعليه قضائه لأنه اكل متعمدا إذا التعليل كما يقتضى بظاهره تعميم الحكم إلى كل مورد وجدت العلة كذلك يقتضى قصر الموضوع على مورد ثبوته فلو قال لا تأكل الرمان لأنه حامض كما يفهم منه حرمة اكل كل حامض كذلك يفهم منه جواز اكل غير الحامض من الرمان وأوضح منه دلالة عليه موثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم قال ليس عليه شئ إذا لم يتعمد ذلك قلت فان تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء قال ليس عليه شئ قلت فان تمضمض الثالثة قال فقال قد أساء ليس عليه شئ ولا قضاء والشرطية في الخبر بحسب الظاهر جار مجرى التعليل وخبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عن ابائه ان عليا عليه السلام سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم قال ليس عليه قضاء لأنه ليس بطعام بناء على إرادة انه ليس بأكل مستند إليه والا فقد عرفت في محله انه لا مجال للارتياب في أنه لو اكل الذباب متعمدا يبطل صومه ويؤيده الأخبار المتقدمة الواردة في الناسي المشعرة بل الظاهرة بواسطة ما فيها من التعليل بالنسيان وانه شئ رزقه الله في أن المناط عدم كونه اختياريا له وكيف كان فهذه مما لا شبهة فيه وانما الاشكال والخلاف فيما إذا تناوله عمدا تحرزا عن الضرر الذي يخاف من ترتبه على مخالفة المكره من قتل أو هتك عرض أو ذهاب مال ونحوه كما هو المتبادر من اطلاق اسم المكره في النصوص والفتاوى المسوقة لبيان احكامه حيث يظهر من المصنف وغيره بل ربما نسب إلى الأكثر انه أيضا كالناسي والمضطر لا يفسد صومه وعن الشيخ في المبسوط انه مفسد لصومه واستدل على القول الأول بالأصل وقوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه والمراد رفع حكمها ومن جملته القضاء والكفارة وفي المسالك بعد نقل القولين في المسألة قال وأصحهما وجوب القضاء وان ساغ له الفعل لصدق تناول المفطر عليه باختياره وقد تقرر في الأصول ان المراد برفع الخطاء وقسيميه في الحديث رفع المؤاخذة عليها لا رفع جميع احكامها و مثله الافطار في يوم يجب صومه للتقية أو التناول قبل الغروب لها انتهى أقول المراد بصدق تناول المفطر باختياره عليه حصوله عن قصد وإرادة في مقابل عمل المضطر والناسي لا انه يطلق عليه في العرف انه فعله باختياره إذا العبرة في انتفاء ماهية الصوم بترك الاجتناب عن المفطرات الحاصل بتناوله إياها عمدا لا باطلاق انه فعله باختياره عرفا كي يمكن الخدشة فيه بانصراف اطلاق اسم الاختيار عنه وبما أشرنا إليه من أن الصوم شرعا وعرفا هو الامساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات وان المراد بصدق كونه اختياريا هو حصوله عن قصد ظهر ما في كلام صاحب المدارك حيث قال بعد ان نقل عن الشيخ في المبسوط الاستدلال لفساد صومه بأنه مع التوعد يختار الفعل فيصدق عليه فعل المفطر اختيارا فوجب عليه القضاء وهو احتجاج ضعيف نعم يمكن الاستدلال عليه بعموم ما دل على كون الاتيان بتلك الأمور المخصوصة مفسدا للصيام لكن في اثبات العموم على وجه يتناول المكره نظر انتهى فكان من تمسك بالأصل في هذا المقام لا ثبات الصحة أيضا كصاحب المدارك زعم قصور ما دل على أن الاتيان بتلك الأمور مفسد للصوم عن شمولها لحال الاكراه فيرجع حينئذ إلى حكم الأصل وفيه ما أشرنا إليه من أن مفهوم الصوم الذي أوجبه الله تعالى على من شهد الشهر وامر باتمامه من طلوع الفجر إلى الليل شرعا وعرفا هو الامساك عن الأكل والشرب ومباشرة النساء وما جرى مجريها من المفطرات فيمتنع تحقق مفهومه مع تناول الأكل والشرب والمجامعة عمدا الا ان ينزل الشارع فعله المقرون بالعزم على الترك لو خلى ونفسه منزلة العدم بدليل تعبدي كحديث الرفع ونحوه ان سلمنا دلالته عليه فهو مخالف للأصل محتاج إلى الدليل فان من اكل وشرب في اليوم ولو نسيانا فضلا عما لو صدر منه ذلك عمدا لا يصح أن يقال إنه صام عن الطعام والشراب الا ان يدل عليه دليل تعبدي كما ورد في الناسي وغير العامد هذا مضافا إلى اطلاقات الأدلة الدالة على وجوب القضاء عند تناول شئ من المفطرات أو الغير القاصرة عن شمول المقام فعمدة ما يصح الاستدلال به للقول بعدم الفساد هي حديث الرفع وقد أجيب عنه باختصاصه برفع المؤاخذة كما في عبارة المسالك المتقدمة ويتوجه عليه منع الاختصاص فان ظاهره المعتضد بجملة من القرائن الداخلية والخارجية رفع مطلق الآثار التي لولا الرفع لوقع المكلف بسببها في كلفة كما تقرر في محله ولكنها مخصوصة بحكم العقل بالآثار الشرعية القابلة للرفع دون اثارها العقلية التي هي من لوازم ذاتها ولكن ليست موافقة الماتى به للمأمور به التي ينتزع منها وصف الصحة أو مخالفته له التي ينتزع منها وصف الفساد امرا جعليا قابلا للرفع فلو اكره على ترك ركعة من صلاة الصبح أو ترك الامساك عن الاكل أو الشرب في شهر رمضان فهو كما لو أكره على ترك الصلاة والصوم رأسا في كونه مكرها على مخالفة الامر المتعلق بالصلاة أو الصوم الذي هو اسم لمجموع الافعال أو التروك المعتبرة في الصلاة والصوم فكل ما هو اثر شرعي لهذه المخالفة قابل للرفع كالحرمة والكفارة ونظائرهما يرفعه حديث الرفع دون وصف الفساد
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»