مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٤
والاشتباه لا يقتضى الاشتراك والإشاعة واقعا كما أنه لا ملزم لهم بالبيع بعد عدم رضا هما بذلك وأما القرعة فلا جابر لعموماتها في المقام لعدم العمل بها فيه وقد تقرر في محله أن من شرط العمل بمثل هذه العمومات الموهون بكثرة التخصيص الجبر بعلم الأصحاب فتعين الثاني حسما للنزاع وقضية لما هو العدول الانصاف في مثل المقام بحكم العقل والعقلاء من أهل العرف فأفهم ويجوز للمرتهن ابتياع الرهن هذا إذا اشتراه من المالك أو من يقوم مقامه فمما لا إشكال فيه وإنما الاشكال والاشتباه فيما لو اشتراه لنفسه من نفسه إذا كان وكيلا ومنشأ الاشكال هو الاختلاف فيما يستفاد من إطلاق والتوكيل من أنه هل يعم نفسه لدلالته على أن غرضه ليس إلا البيع بثمن المثل وخصوصية المشترى ملغاة حيث لم يتعرض لذكرها ومن أن ظاهر الوكالة لا يتناوله وكيف كان فالمسألة لفظية لا خصوصية لها بما نحن فيه بل الكلام فيها سار في كل وكالة وأما أصل الحكم من أنه يجوز إذا علم رضاه بذلك وعدمه لو لم يعلم ذلك فمما لا تأمل فيه والمرتهن أحق باستيفاء دينه من غيره من الغرماء سواء كان الراهن حيا وقد حجر عليه للفلس أو ميتا لما دل من النصوص والفتاوى على كون الرهن وثيقة للدين وفائدتها عرفا وشرعا استيفاء الدين منها وما ورد في بعض الروايات المرمى بالشذوذ من أنه يقسم بين أرباب الديون بالحصص لا يصلح التخصيص قاعدة سلطنة الناس على أموالهم الثابتة بالعقل والنقل والمقتضية لصحة الرهن وترتب الفائدة المقصودة منه عليه وصيرورة المرتهن مستحقا لاستيفاء دينه منه مطلقا مع أنه لم يعلم وجود عامل بمضمونها وخلاف الصدوق غير محقق فعلى هذا لا محيص عن تأويلها أو طرحها والله العالم ولو أعوز الرهن عن وفاء الدين وقصر ضرب المرتهن مع الغرماء بالفاضل بلا إشكال لبقاء دينه في ذمته وعدم انحصاره في ما يستوفى من الرهن كما هو واضح والرهن أمانة في يده لا يضمنه لو تلف منه بغير تفريط كما أشرنا إلى ذلك في بعض المباحث السابقة مضافا إلى عدم نقل خلاف في المسألة بل نقل الاجماع فيها مستفيض نعم نسب الخلاف إلى كثير من المخالفين الذين جعل الله الرشد في خلافهم ويدل على المطلوب الأخبار المستفيضة الصريحة الغير القابلة للتصرف فيها ولا يعارضها ما يستظهر منها خلافها المعلوم طرحها بين الأصحاب وإنها خرجت مخرج التقية مع أنها قابلة للحمل على التفريط أو نحو ذلك وفي بعضها بل جميعها قرائن على ذلك وكيف كان فلا إشكال في المسألة بحسب الظاهر وعلى هذا لا يسقط من حقه شئ ما لم يتلف في يده بتفريطه كما لا يخفى ولو تصرف المرتهن فيه أي في الرهن بركوب أو سكنى أو أجارة من دون أذن الراهن ضمن الرهن ولزمه أي الراهن الأجرة أي أجرة المثل في الأولين لكونه تصرفا في ملك الغير بغير إذنه وحكمه ذلك كما عرفت في كتاب البيع وأما الثالث أعني الإجارة فحكمه أنه لو أجازها صحت وله المسمى ويستحقه من المستأجر وإلا فإن كان قبل استيلاء المستأجر عليه وتصرفه بما يكون له الأجرة فلا شئ ويقع الإجارة لغوا وإن كان بعد تصرفه فيه فله أن يرجع إلى كل منهما بأجرة المثل وتفصيل هذه الفروعات وتوضيحها قد تقدم في كتاب البيع مستوفى فراجع وإن كان للرهن مؤنة كالدابة أنفق عليها وتقاصا أي الراهن والمرتهن إن لم يكن لأحدهما فضل على الاخر بأن كانت الأجرة مساوية للمؤنة وإلا فيرجع ذو الفضل بالفاضل هذا إذا تصرف المرتهن في الرهن بما يستحق عليه الأجرة وإلا فيرجع بتمام المؤنة على الراهن مع اجتماع شرائطه كأن كان مأذونا من الراهن أو من يقوم مقامه مع الامكان وكان من نيته الرجوع وقيل إذا أنفق عليها كان له ركوبها أو يرجع على الراهن بما أنفق استنادا في ذلك إلى مصححة أبي ولاد سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأخذ الدابة أو البعير رهنا بماله أله أن يركبه فقال (ع) إن كان يعلفه فله أن يركبه وإن كان الذي رهنه عنده يعلفه فليس له أن يركبه وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر يركب إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب نفقته والدر يشرب إذا كان مرهونا وعلى الذي يشرب نفقته أقول ظاهر خبر السكوني ثبوت الانتفاء له ولزوم النفقة عليه من دون توقفه على شرط هذا إذ استظهرنا منه عود الضمير إلى المرتهن كما هو الظاهر وإن بنينا على أنه أعم من الراهن والمرتهن أو المراد منه خصوص الراهن فكانت الرواية مسوقة لبيان أنه يجوز للمنفق التصرف فيه سواء كان الراهن أو المرتهن فلا يدل على ما ذكرنا نعم لو كان مرجع الضمير أعم يدل على الجواز إن أنفق فيوافق مفاده مفاد صحيحة أبى ولاد الذي علق الجواز على الشرط وكيف كان فلا مانع من حمل الروايتين على صورة الاذن من الراهن بدعوى كون ترك المؤنة قرينة على رضاه بذلك كما هو المتعارف فيما كان له منفعة خصوصا إذا كان ترك الانتفاع به مضرا بالرهن خصوصا مع ظهور حاله في عدم إلزامه ببيع لبنها يوما فيوما ورد ثمنه إليه أو جمعه له وهذا بخلاف ما لو أنفق هو بنفسه عليها فإنه لا قرينة على هذا التقدير تشهد برضاه بالتصرفات وكيف كان فما ذكرنا شاهد على كون الروايتين منزلة على ما هو المتعارف من استفادة الاذن فإن تم فهو وإلا فيجب طرحهما لعدم مكافؤتهما لما ينافيهما من القواعد المتقنة المعتضدة بالعقل والنقل من حرمة التصرف في مال الغير وقاعدة الضمان لما يتلفه المتلف ظهورا لما عرفت وسندا لاعراض معظم الأصحاب عنهما ويجوز للمرتهن أن يستوفى دينه مما في يده إن خاف جحود الوارث للدين أو الرهانة وكانت التركة قاصرة مع اعترافه بالرهن ويدل عليه مضافا إلى الاجماعات المحكية المعتضدة بعدم نقل الخلاف مكاتبة المروى لأبي الحسن (ع) في رجل مات وله ورثة فجاء رجل فأدعي عليه مالا وإن عنده رهنا فكتب (ع) إن كان له عليه الميت مال ولا بينة له فليأخذ ماله مما في يده ويرد الباقي على ورثته ومتي أقر بما عنده أخذ به وطولب بالبينة على دعواه وأوفي حقه بعد اليمين ومتى لم يقم البينة والورثة ينكرون فله عليهم يمين علم يحلفون بالله ما يعلمون له على ميتهم حقا والمناقشة في سندها بعد الانجبار بما سمعت لاوجه له أو استفادة اعتبار خوف الجحود من الرواية إنما هي من تعليق الحكم بفقد البينة إذ المستفاد منه أنه لو كان له بينة لا يجوز له ذلك ومن المعلوم أنه لو لم يكن له ذلك حال وجود البينة مع أن إثبات الحق معها يحتاج إلى اليمين المشقة الزائدة التي ربما يستدل لأجلها بنفي الحرج في المقام وإن كنا لا نلتزم به فكيف له ذلك مع اطمينانه باعتراف الورثة وإيصال الحق إليه وأما الخوف فهو ألم نفساني في مقابل الامن والوثوق فمتى حصل له مدة الحالة وهى اضطراب النفس الناشئ عن عدم وجود البينة المقبولة عند الحاكم كما هو المتبادر منها في مثل المقام يجوز له الاستيفاء ولا يعتبر في تحققه الظن بالعدم
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»