مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٧
المتأمل وأما النبوي الوارد في المقام فالظاهر أيضا حجيته لانجبار ضعفه بما عرفت من الاجماع و الاعتماد هذا إذا بنينا على ما ذكر وأما إذا بنينا على أن مفاد الرهن إنما هو حبس المال عن المالك وقصر يده عنه وقطع سلطنته منه لا مجرد إحداث حق للمرتهن فيكون كالعبد الجاني بل الراهن أعتزل عن المال وجعله بمنزلة الأجنبي منه حتى يستوفى المرتهن منه حقه ولعل هذا البناء هو الأظهر من مفهوم الرهن وإن لم يظهر لنا موافقة السيد في ذلك وعلى هذا فالمنع متجه أو لم يثبت إجماع ولا رواية نعم ينبغي استثناء ما لا ينسبق إلى الذهن ولا يعد مثله تصرفا عرفا كما أنه ينبغي استثناء ما يعود نفعه إلى الرهن ووجههما واضح خصوصا الأخير حيث أن عقد الرهن ربما يقتضى ذلك مقدمة للحفظ فيكف يستفاد منه المنع ممن مثل هذا التصرف و استثناء هاتين الصورتين على البناء الأول أوضح كما هو واضح ثم لا يخفى عليك إن ما ذكرنا من منافاة الرهن للتصرف سواء كان لأجل الاجماع والرواية أو لاقتضاء مفهوم الرهن ذلك إنما يمنع عن نفوذ التصرفات المنجزة الواقعة عن المالك على نحو الاستقلال لا ما يكون بمجرد إيقاع العقد عليه مترقبا لإجازة المرتهن أو متوقعا لانفكاك الرهانة إذ لا يعد مثل ذلك تصرفا ممنوعا منه بالنسبة إلى غير المالك كما ذكرنا في الفضولي فضلا عن المالك فعلى هذا لو باع أو وهب مثلا وقف على إجازة المرتهن فإن أجاز جاز وإلا فلا إذ هو وإن لم يكن فضوليا إلا أنه مثله في ذلك بعد ثبوت اعتبار أذن المرتهن في نفوذ تصرفاته نعم الحكم بالصحة فيما نحن فيه بعد لحوق الإجازة أولى منه في الفضولي إذ الوقوف في الفضولي مسبب عن فقد المقتضى رهنا عن وجود المانع وبيان أوفى إن العقد في المقام صادر عن المالك ولا يحتاج في أضافته إليه إلى شئ آخر نعم يتوقف في تأثيره في الخارج الرفع المزاحم وهو يتحقق بالإجازة وفي الفضولي فالعقد لا يضاف إلى المالك إلا بالإجازة فكما أن رضاه شرط في تأثير العقد كذلك شرط فقط في أضافة العقد إليه وبدونها لا يتحقق المقتضى لوجوب الوفاء بالنسبة إلى المالك بخلاف المقام وأما إجازة المرتهن فهل هي كاشفة عن سبق البيع أو ناقلة من حينها فالكلام فيها هو الكلام في الفضولي وقد تقدم في محله أن الأقوى فيها النقل الحقيقي والكشف الحكمي هذا إذا بنينا على إنما قويناه فيها على مقتضى القواعد كما هو المختار لا لأجل بعض الوجوه التعبدية المذكورة في محلها وإلا فيشكل الحكم بالكشف في المقام إلا بدعوى الأولوية أو عموم بعض الوجوه لا جل مناطها فلاحظ وتأمل وكيف كان فقد يفرق بينهما بوجوه ضعيفة المقتضى بعضها بطلان أصل التصرف من الراهن ولو لحقه إجازة المرتهن وبعضها بطلان كاشفيتها بعد النباء على كونها كاشفة في الفضولي منها أنه لا معنى لوقوع تصرف المالك مراعى بإجازة الأجنبي فإن تصرف المالك أما أنه يقع في محل قابل للتصرف فيمضى أو غير قابل كبيع أم الولد فيقع فاسدا إذ لا واسطة في البين وفيه ما فيه إذ بعد فرض جعل المالك ملكه باختياره متعلقا لحق الغير يمنع ذلك عن نفوذ تصرفاته الواقعة منه على نحو الاستقلال المزاحمة لحق ذلك الغير لأجل المزاحمة لا لخروج المتعلق عن قابلية التصرف فإذا اجتمعا في تصرف ورضيا به ينفذ وليست الإجازة اللاحقة إلا كالرضا السابق في الأثر كما تقرر في الفضولي فلا يقاس هذا بأم الولد الخارجة عن أهلية التصرف تعبدا ولذا لا يؤثر في صحته رضا أحد فظهر لك أنه لا امتناع في تأثير إجازة الأجنبي في الصحة بعد أن جعله المالك ذا حق ولا يقتضى جعله ذا حق وقوع التصرف لغوا صرفا كتصرفات الصبي إذ ليس الحق آكد من الملك في المدخلية وقد فرغنا عن صحة عقد الفضولي بمعنى أهليته لتأثير بلحوق الإجازة فكيف الظن بالمالك ومنها ما يستفاد من النبوي إن الراهن والمرتهن ممنوعان عن التصرف فمقتضاه بطلان بيع الراهن لأنه تصرف وفيه أن المنساق منه استقلال كل منهما بالتصرف لا المجموع ضرورة استبعاد كون النهى تعبديا محضا بل المقصود منه النهى عن تصرف كل منهما بدون إمضاء الآخر وأما جواز تصرف كل منهما بعد رضا الاخر فالظاهر إنه من المسلمات وقد تقرر في ما تقدم إن كلما يصححه الرضا السباق بصحة الإجازة اللاحقة فعلى هذا لا مانع عن الصحة بعد إجازة ذي الحق الذي هو المرتهن ومنها أن الإجازة من المرتهن الذي هو غير المالك ليست إلا على معناه إسقاط حق الرهانة المقتضى لسلطنته على فسخ العقد وهو غير متصور الزمن السابق الذي قد تحقق فيه الحق لاستحالة انقلاب الشئ عما وقع عليه فإسقاطه لا معنى له بل يختص بالزمن الحال فلا يكون الإجازة فيه كاشفة وأما الرضا بالعقد السابق الصادر من غير المالك فأمر معقول ومقتضاه تأثير العقد السابق وفيه ما لا يخفى أما أولا فلان الإجازة ليست أسقاطا وإنما هي رضا بالمسقط وإنما المسقط البيع لكونه منافيا لحقه لا الرضا بالبيع وإلا لما جاز له الرجوع عن إذنه السابق على العقد قبل وقوع العقد وأما عدم جواز الرجوع عن الإجازة فلاستلزامها انتفاء الحق لخصوصية المقام لا لكونها إسقاطا حقيقة بل لكونها رضا بما أسقط فحاله في عدم جواز الرجوع عن أذنه بعد الإجازة كحاله بعد وقوع العقد عقيب إذنه وهذا ظاهر وثانيا سلمنا كونها إسقاطا وأنه يمتنع وقوعه قبل إذنه ففيه مع أنه يختص الاشكال بالكشف الحقيقي لا الحكمي إن هذا الاشكال مشترك الورود على القائلين بالكشف الحقيقي من دون فرق بين أن يجعلوها رضا بالمسقط أو نفس الاسقاط لامتناع تقديم تأخير المؤثر عن أثره كما مر الكلام فيه مستوفى في مبحث الفضولي وأما ما ذكره من أن الرضا بالعقد السابق معقول ففيه أن تقديم أثر الرضا على نفسه غير معقول إلا أن يجعل المؤثر نفس المتصف بكونه مما يتعقبه الرضا يمكن أن نلتزم بمثله في المقام أيضا بل الامر في المقام أسهل وأقرب على ما يساعد عليه الطبع السليم لكونه من قبيل المزاحم لا الشرط ولعل ما نعيته مقصورة على ما لو بقي مستمرا إلى أن ينقضي زمان الوفاء وأما لو أرتفع فيما بعد في زمان قابل للوفاء بالعقد فليس مانعا من أصله ولذا أفتى الفاضل في قواعده فيما لو أتلف الرهن متلف وأنتقل الرهانة إلى القيمة قال فإن عفى الراهن فالأقرب أخذ المال في الحال أي من الجاني لحق المرتهن فإذا أنفك ظهر صحة العفو ومعلوم أنه لا خصوصية للانفكاك بل الاسقاط أيضا كذلك فلازمه إن أراد الكشف الحقيقي الالتزام بأن استمرار الرهانة وعدم انفكاكه أو أسقاطه رأسا شرط لا عدمه حال العقد فأفهم وهل للمرتهن رد للعقد بمعنى أبطاله وإسقاطه عن قابلية التأثير أم لا وجهان من أنه أجنبي عن طرفي العقد وليس له إلا حق يزاحم النقل والانتقال فليس له إلا الامساك لحقه أو أسقاطه فإن أسقطه يؤثر
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»