مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٢
المالك بما يساوى ملكه من المثل أو القيمة وكلا الحقين يؤديان بدفع المثل أو القيمة للمالك على أن يكون رهنا عند المرتهن فصيرورة البلد رهنا إنما هو من آثار اشتغال ذمته بما هو رهن حال الاشتغال فكان وصف الرهانة أنتقل إليه وعليه تداركه وهذا بخلاف المشتري فإنه لا يملكه إلا طلقا ولا يشتغل ذمته إلا بثمن رقبة العين فما يؤديه إنما هو عوض الملك لا وصف الرهانة كما أشرنا إليه سابقا وأما ثمن الوقف فلان البطون اللاحقة بحكم الشريك في العين الموقوفة بمعنى أن لها بالنسبة إليهم وإن كانوا معدومين نحوا من الملاحظة والاعتبار يمنع استقلال الموجودين بالتصرف فيها فكأنها ملك لهم فعلا بالمقايسة إلى زمانهم وأما بالمقايسة إلى زمان الموجودين فلا تتصف بالملكية الفعلية لهم لانتفاء المضاف إليه وإنما تتصف بكونها لهم شأنا وهذا الاتصاف الثاني له نحو وجود واعتبار فعلا وله آثار منها منع الموجودين عن التصرف بما ينافي ملكيتهم ومنها جواز بيعه مراعاة لحقهم في بعض الأوقات وغير ذلك من الاحكام وهذا ليس حقا لهم بالنسبة إليها حتى ينظر على ما نحن فيه ويقال إن الحق لا يقابل بالمال ولا ينتقل إلى المشتري بل نحو من الملكية الاعتبارية وإلا فالمانع عن تسميته ملكا فعلا يمنع عن تسميته حقا أيضا إذ كما أن الملك يتوقف على وجود مالك فعلا كذا الحق يتوقف على طرف محقق ولكنك عرفت إن هذا لا يمنع عن اعتبار الوجود في ترتيب الآثار فالمعدومين بمنزلة الموجودين في الآثار أعني توزيع الثمن عليهم نحو توزيع المثمن بمعنى تقسيطه عليهم طولا بحسب وجوداتهم لا عرضا مثل الشركاء الموجودين في مرتبة واحدة وكيف كان فالفرق بين الوقف وما نحن فيه واضح بعد أدنى تأمل وعلى هذا فالأقوى ما عليه المشهور بل لم ينقل فيه خلاف إلا عن الشيخ في بعض الصور كما سنوضحه إنشاء الله من عدم صيرورة الثمن رهنا لبطلان رهانة المثمن بالبيع وعدم ما يقتضى رهانة المثمن بالبيع وعدم ما يقتضى رهانة الثمن وكونه كالمعوض في تمام الاحكام كما في التالف قد عرفت منعه وقضاء العرف بذلك بعد ملاحظة أن الثمن إنما هو في مقابل رقبة الملك من حيث هي غير مسلم ودعوى إن عقد الرهن يقتضى رهنية العين بمراتبها لكونه من قبيل تعذر المطلوب ولذا يجعل ثمنها عند خوف الفساد رهنا ومن المعلوم إن الثمن أيضا مرتبة من مراتبها فيجب أن يكون رهنا إلا أن يستظهر من الاذن إسقاط حق الرهانة وهو خلاف المفروض إذا الفرض عدم بطلانه إلا بالبيع فليس الرهانة متقومة بشخص العين وإلا لما كان الثمن رهنا في المثال مع أن الحق اقتضى بيعه فكيف يخرج الثمن عن كونه رهنا ففيها بعد تسليم كونه من قبيل تعدد المطلوب منع اقتضائه رهانة الثمن مطلقا إذ ليس الثمن مطلقا مرتبة من مراتب العين بحيث يشمله حكمها إذ الموارد التي نلتزم فيها بتعدد المطلوب لا نقول فيها بثبوت الحكم للبدل مطلقا بل يثبت له عند تعذر شخص متعلق العقد وفرض التعذر يخرج ما نحن فيه عن الفرض والسر في اعتبار التعذر إنه عند عدم التعذر يعد أجنبيا عند العرف وأما عند التعذر فهو هو بنحو من المسامحة وإن شئت توضيح المقام فراجع إلى ما فصلناه في كتاب البيع في مسألة ضمان المثلى والقيمي من أنه لا يجوز التخطي من مرتبة إلى مرتبة أخرى دونها عند التمكن من المرتبة إلا على لعدم كونه إداء للتالف حينئذ بحكم العرف فأفهم وتأمل هذا كله فيما لو أطلق الاذن وأما لو شرط بقاء الثمن رهنا فقد عرفت إنه لا إشكال في لزوم الوفاء بالشرط بل قد يظهر من المحكى عن غير واحد الاجماع عليه إلا أن الاشكال في تصوير إمكان التفكيك بين العين ووصف الرهانة مع كون وصف الرهانة متقومة بشخص العين بخصوصيتها ولذا حكمنا ببطلان الرهانة مطلقا في الصورة المتقدمة فلو أمكن التفكيك إمكان في صورة الاطلاق أيضا ببقاء رهانة الثمن لو لم نقل باستفادة الاذن في الابطال المطلق من مطلق الاذن للانصراف ويمكن دفعه بما أشرنا إليه من أن العوض الاختياري ليس من مراتب العين التي يقتضى رهانة العين رهانتها ولو قلنا بكونه من قبيل تعدد المطلوب هذا إذا لم يكن بينهما جعل وتبانى وإلا فلا امتناع في ذلك كما في أداء الدين حيث يصير غير المجانس من مراتب ما في الذمة بالتراضي فأفهم وتأمل فإن المقام مما يحتاج إلى التأمل وقد تصدى سيد مشايخنا دام ظله لدفع الاشكال بما لعله يقرب مما ذكرنا وإن لم ينطبق عليه كمال الانطباق وكيف كان فالأظهر ما ذكرناه والله العالم هذا كله في إذن المرتهن وأما لو انعكس الفرض بأن إذن الراهن للمرتهن في البيع قبل الاجل فالظاهر كما عليه المشهور على ما حكى عنهم صيرورة الثمن رهنا فلم يجز للمرتهن التصرف في الثمن بأن يستوفى منه حقه قبل الحلول الاجل بل ولا بعده ما لم يأذن نعم يجوز له مقاصته بعد حلول الأجل لو أجتمع شرائط التقاص وهو خارج عن مفروض المسألة وكذا لا يجوز لراهن أيضا التصرف فيه كما هو قضية الراهنة وهذا مما لا إشكال فيه وإنما الاشكال في بقاء الثمن رهنا مع أن الرهانة متقيدة بالعين وتبطل بالبيع إلا أن يشترطا كما تحقق فيما تقدم والمفروض عدمه لأن الكلام فيما لو لم يصدر من الراهن إلا الاذن إلا أن الأظهر الأشهر بل المشهور على ما يظهر من بعض العبائر هو ما ذكرنا من كون الثمن رهنا الظهور الاذن من الراهن في ترخيص تبديل متعلق الرهن للمرتهن ورفع يده عن سلطنته على خصوص العين ولا يعد هذا عرفا استدعاء من الراهن عن المرتهن في رفع يده عن الرهن وأبطال رهانته بل غاية ما يستفاد منه مسئلته تبديل العين وتحصيل ثمنها لكونه أعود بحال الراهن فهذا الظهور العرفي بمنزلة التصريح بالاشتراط والتواطي على بقاء الثمن رهنا بمعنى الغاء خصوصيتها الشخصية وإبقاء الرهانة في ماليتها التي هي العمدة في هذه الأبواب بل هي من مراتب وجوداتها في حال التعذر والتباني كما تقدم الكلام فيه فيما سبق وبذلك ظهر ما في كلام النافين من أن الحق إنما تعلق بالعين ولازمه ارتفاع الحق بانتقالها فتعلقه بالثمن يحتاج إلى عقد جديد كما أنه قد ظهر لك أيضا ما في إطلاق قول المصنف إلا بعد حلوله مستثنيا من عدم جواز التصرف لما ذكرنا من صيرورته بحكم الرهن في عدم جواز التصرف إلا بإذن الراهن والحاكم عند التعذر على التفصيل الذي ستسمعه إنشاء الله تعالى ولذا ما في قوله كغيره من الأصحاب ولو كان أي الاذن في البيع بعد حلوله صح التصرف فيه ضرورة عدم كفاية الاذن في البيع مجردا في جواز التصرف نعم لو أستظهر منه بقرائن الحال والمقام الاذن في الاستيفاء أو أدعى ظهور الاذن بعد الحلول مطلقا لأجل القرائن في ترخيصه في الاستيفاء كما أنه ليس بالبعيد كان له ذلك ولعل إطلاق الأصحاب ناظر إلى ذلك و كيف كان فإن أردوا من إطلاقهم ما ذكرناه فله وجه وإلا ففيه منع واضح وإذا حل الاجل وأراد المرتهن حقه طالب الراهن بالوفاء ولو ببيع
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 » »»