يمكن الاستدلال بالروايتين السابقتين، بناء على أن الظاهر من العدالة فيهما هي التي فسرت في صحيحة ابن أبي يعفور الدالة على اعتبار الملكة، لأن تفسير العدالة المطلقة بشئ ثم إرادة المفسر خلافه في مقام آخر من دون نصب قرينة قبيح.
اللهم إلا أن يقال - بعد تسليم دلالة الصحيحة على اعتبار الملكة -: إن السؤال في الصحيحة إنما هو عما به تعرف العدالة [و] (1) هي الاستقامة الفعلية، فإن الاستقامة الفعلية بترك المحرمات وفعل الواجبات وإن أمكن إحرازها بأصالة الصحة في أمور المسلم - كما سيجئ - إلا أن الشارع لم يكتف بها في مقام الشهادة، بل اعتبر انكشافها ولو ظنا، فجعل الملكة التي هي المقتضية للاستقامة الفعلية علامة لها في مرحلة الظاهر إذا شك في تحققها، فلو تحققت من دون ملكة كفت، فالعدالة المعتبرة في الإمامة والشهادة هي الاستقامة الفعلية لا ملكتها، وإنما جعل الشارع الملكة دليلا عليها في مقام الشهادة، فيحتاج إليها عند الشك في تحقق الاستقامة الفعلية لا عند القطع بها.
وأما في مقام الإمامة فلا دليل على اعتبار الملكة، لأنها لم تثبت كونها نفس العدالة، ولم يثبت احتياج إحراز العدالة إلى إحرازها كما ثبت في مقام الشهادة، فيكتفى في إحرازها بأصالة الصحة في أمور المسلمين، كما بنى عليه جماعة (2) في مقام الشهادة أيضا.