الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٩
هو حكم القوة الباطشة الماكرة معا الخالية من كل سبب أو سند يعترف به العقل أو تدعو إليه التقاليد والعرف.
وقد راعى مؤلف الكتاب أن يستخلص الوقائع من المصادر التاريخية الصافية وأصفى مرجع لديه هو تاريخ الطبري بعد استخلاص أصدق رواياته وتجريح سائرها لان الطبري كان يحشد كل ما بلغ إليه علمه من أخبار دون تمحيص ولا نقد فجاء المؤلف فاستخلص أصدق الروايات خصوصا ما نسب منها إلى أبي مخنف أصدق رواة الطبري ووثق به ثقة واسعة فيها إفراط غير قليل ثم راح بعد ذلك يراجع المصادر الأخرى وبخاصة (الكامل) للمبرد فيما يتصل بالخوارج وابن الأثير فيما يتصل بالشيعة والخوارج معا (والكتاب المجهول المؤلف) مستبعدا المؤرخين الذين لا يثق بهم لما تبين فيهم من عصبية وهوى مثل اليعقوبي الشيعي الهوى.
وعرض الاحداث والوقائع في تسلسل نقدي متصل حريصا إبان هذا كله على إعطاء صورة دقيقة الملامح بادية الأسارير للأشخاص الذين يشاركون في هذه الاحداث أو يطبعون تلك الوقائع بطابعهم وفي أحكامه على الاشخاص والحوادث كان يتخذ مقاييس من مقتضيات الأحوال السياسية بغض النظر عن العاطفية المقترنة بهؤلاء الاشخاص في ضمائر أصحابهم أو خصومهم على مدى التاريخ: ومن هنا اتسمت هذه الأحكام بموضوعية وانفصالية تامة بإزاء الأحداث والأشخاص وهو المنهج التاريخي النقدي القويم وهو في هذا مؤرخ سياسي فحسب لا يحسب حساب العوامل غير السياسية: من دينية واقتصادية ولان كان قد أدخل في حسابه عمل العصبية العنصرية فإنه قد انتهى بها إلى نتائج تخالف ما اعتاد المؤرخون أن يصلوا إليه فهو مثلا يقلل بل ينكر دور الفرس في تكوين العقائد الشيعية في تلك المرحلة ويردها إلى العرب ولا يقيم وزنا كبيرا لكون أكثر أنصار الشيعة كانوا من الموالي إذ يرجح عليهم دائما دور العرب الخالص في الأثر النهائي الناتج. وهو لهذا يعد خير مصدر في تأريخ هذه المرحلة من تاريخ الخوارج والشيعة.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 5 6 7 8 9 10 11 12 13 15 ... » »»
الفهرست