الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٨
موسى ثم في محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي - فهؤلاء حلت فيهم روح القدس على التناسخ الواحد عقب الآخر!
وتبعا لهذا لا تكون الإمامة إلا بنص من السابق للاحق بنص وتوقيف وأنها قرابة والامام مصيب في جميع أحواله وأقواله والاحكام كلها ترجع إليه فلا اجتهاد في أمور الدين. ولما ضعف أمر السلسلة انتهت إلى أغرب حلقتها وآخرها أعني إلى إمام طفل غاب وينتظرون رجعته فهو الغائب المنتظر الذي سيظهر ليملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا فهذا هو (المهدي المنتظر) الذي تقدمت البشارة به وكان طبيعيا أن يختلفوا في هذه الحلقة الأخيرة: فالسبعية ساقوا ذلك إلى الامام السابع محمد بن إسماعيل والاثنا عشرية يسوقونها إلى الإمام الثاني عشر محمد بن علي بن موسى ابن جعفر.
قد عمل الخيال الآري الفارسي عمله فأضاف إلى هذا كله ما أضاف من تهاويل وفروض تتفرع على النظرية الأصلية في الإمامة وفي الوقت نفسه تشبع نوازعه نحو الثأر من سيطرة الجنس العربي الخالص والانتقام النفسي للنقص الذي عاناه بإزاء العنصر المتفوق.
وكان طبيعيا أن تؤدي المبادئ العامة في السياسة والسلوك الانساني إلى إيجاد مذاهب نظرية تستخلص النتائج وتعمق الالزامات وتفلسف الأساس التي تقوم عليها فكان عن ذلك كله ما عرف في علم الكلام باسم مقالات الخوارج ومقالات الشيعة.
والكتاب الذي نقدمه اليوم إنما يقتصر على التاريخ السياسي لهذين الحزبين السياسيين في النشأة منذ نشأتهما حتى انهيار الدولة العربية الخالصة في تاريخ الاسلام فيؤرخ الحوادث والمعارك والحركات الثورية التي قام بها كل منهما للانقضاض على السلطة الحاكمة سلطة بني أمية الذين اغتصبوا الملك لأنفسهم ضد شرعية آل علي في نظرية الشيعة وضد شرعية الامام المختار من كل الجماعة الاسلامية على مذهب الخوارج إذ الحكم الأموي لا يستند إلى شرعية الوراثة في الملك ولا إلى ديمقراطية الانتخاب العام بإجماع الأمة لاصلح الناس للإمامة وإنما
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست