الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٦
من ظهوره في أوقات متباينة على مر العصور وإن لم ينتحل أصحابه هذا الاسم صراحة نظرا لاعتبارات سياسية أو ملابسات وضعية.
وخلاصة هذا التيار: العود إلى (الكلمة) الأصيلة للدين معبرا عنها في الكتاب الكريم دون تأويل ولا ترخص بل بتشدد في الفهم لا يقبل المساومة والالتواء ولهذا يدعو إلى الطاعة العمياء ما ورد في هذا الكتاب أو ما أتى به صاحب هذا الدين من قواعد وأحكام وطرائق سلوك. وهم يتشددون في التمسك بعمود الدين ضد جميع التيارات والفرق والأحزاب التي تبدو هم قد حادت عنه أو تأولت فيه.
ولذا كان مذهبهم (ضد) كل المذاهب الأخرى.
ففي الاسلام كان الخوارج ضد سائر المذاهب:
1 - في الإمامة: كانوا ضد الشيعة الذين يقولون بأن الإمامة وراثية في أبناء علي ابن أبي طالب وضد المرجئة الذين أرجأوا الحكم إلى اله ليحكم بين الناس يوم القيامة معترفين كارهين بالأوضاع الفعلية التي أملتها القوة أو فرضها حد السيف..
ويرون أن من حق الأمة إسقاط الامام (الخليفة أو الحاكم) الذي يحيد عن الطريق المستقيم الذي سنه الله ورسوله ويقررون أن الإمامة إنما تحق لمن تختاره الجماعة أيا كان ولو كان عبدا أسود وفي هذا نزعة ديمقراطية أصيلة ديمقراطية دينية إن صح هذا التعبير ثاروا بها على النزعة الأرستقراطية التي أراد أهل قريش فرضها في اختيار الخليفة. وهم لهذا يطلقون على من يختارونه إماما لقب (أمير المؤمنين).
وتبعا لهذه النظرية لم يعترفوا بالخلافة إلا لأبي بكر وعمر بن الخطاب ثم بعد ذلك لمن اختاروهم هم. أما عثمان فلا يعترفون بشرعية خلافته إلا في السنوات الست الأولى منها وعلي اعترفوا بشرعية خلافته من بدايتها حتى معركة صفين.
2 - وفي السلوك الانساني الديني: كانوا ضد جميع الفرق الأخرى: فلا يبررون بالايمان الاعمال المنافية لما يقتضيه نص الكتاب والسنة. إنما العبرة بالعمل وقالوا:
إن كل كبيرة كفر والله يعذب صاحب الكبيرة عذابا دائما ودار مخالفيهم كفر كذلك فمن أقام في دار الكفر (أي في دولة غير دولة الخوارج) فهو كافر وعليه الخروج بل تجاوزوا ذلك فقالوا: إن من نظر نظرة صغيرة أو كذب كذبة صغيرة ثم أصر عليها فهو مشرك بينما قال المعتزلة: إن مرتكب الكبيرة فاسق أو في منزلة بين
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست