الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٣٤
حاشا ما خص عز وجل منها من نار إبراهيم الخليل عليه السلام، ولم تزل كذلك مذ خلقها تعالى حتى في جهنم، أعاذنا الله تعالى منها: قال الله تعالى: * (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) *.
قال أبو محمد: فتفسخوا تحت هذا السؤال، وتضوروا منه، لأنه صحيح لا مخرج منه البتة.
فقال بعضهم: إنما تكون العلة علة إذا جعلها الله تعالى علة.
قال أبو محمد: وهذا ترك منهم لقولهم في العلل جملة، وترك منهم للقياس ورجوع إلى النص، وإذ قد راجعوا إلى هذا فلم يبق بيننا وبينهم إلا تسميتهم الحكم علة فقط، فلو قالوا: لا يجب الحكم إلا إذا نصه الله عز وجل لوافقونا البتة، ولكنهم تعلقوا باسم العلة، لأنه مشترك، ليرجعوا من قريب إلى تخليطهم، وليتعدوا النص إلى ما لا نص فيه، وهذا ما لا يسوغونه. وبالله تعالى التوفيق.
وقال بعضهم: هذا خبر الواحد هو حجة في إيجاب العمل، وليس حجة في إيجاب العلم، فلا تنكروا علينا كون الشئ علة في مكان، وغير علة في مكان آخر.
فيقال له وبالله تعالى التوفيق: هذا تمويه منكم، لا تتخلصون به مما ألزمناكم إياه لأننا لم ننكر نحن عليكم أن يكون الشئ حجة في مكانه وبابه، وغير حجة فيما ليس بمكانه ولا ببابه، وإنما أنكرنا عليكم أن يكون ما ادعيتموه علة حجة موجبة للحكم في بعض مكانها وبابها بغير نص، وغير حجة في سائر بابها، وبعض أماكنها من غير نص أيضا فهذا الذي أنكرنا عليكم لا ما سواه.
وأما خبر الواحد المسند من طريق العدول فهو حجة في إيجاب العمل أبدا إذا كان عن النبي صلى الله عليه وسلم عند جميعنا، ثم اختلفنا، فقالت طائفة منهم:
ومنه ما لا يضطر إلى العلم فهو غير موجب للعلم أبدا، وما كان منه يضطر إلى العلم بأسباب معروفة فيه فهو موجب للعلم أبدا.
(١١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1129 1130 1131 1132 1133 1134 1135 1136 1137 1138 1139 ... » »»
الفهرست