الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٢٢
غيره، ولم يجعل في أحد الوجهين كفارة، وجعل في الآخرة الكفارة، فصح أن المساواة في الشبه لا توجب المساواة في الحكم، وبطل قولهم في التعليل إذا وجب في أحد المنكرين كفارة ولم يجب في الآخر.
وقد قال غيره من الفقهاء: إيجاب الكفارة على المرأة المظاهرة من زوجها ككفارة المظاهر ولا فرق.
فهذا كل ما موهوا به من الحديث لاح أنه حجة عليهم، وبالله تعالى التوفيق.
وجملة القول: إن كل شئ نص الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو حق، وكل ما أوردوه بآرائهم مما ليس في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهو باطل وإفك، وهم كمن قال: لما حرم الله تعالى وفرض ما شاء حرمت أنا أيضا وفرضت ما شئت، لأنه تعالى حرم وفرض ولا فرق.
وقد صح على رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق عمر بن عنبسة في نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها: إن تلك ساعة تطلع ومعها قرن الشيطان ويسجد لها الكفار حينئذ وعن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس:
و: إن تلك الساعة تسجر فيها النار لو كان هذا على بادئ الرأي وظاهر الاحتياط لكانت الصلاة حينئذ أحرى وأولى، معارضة الكفار، فإذا سجدوا للشمس صلينا نحن لله تعالى، وإذا سجرت النار صلينا، ونعوذ بالله منها.
هذه صفة عللهم المفتراة الكاذبة، وهذا ما جاء به النص فصح أنه لا يحل لاحد تعليل في الدين، ولا القول بأن هذا سبب هذا الحكم، إلا أن يأتي به نص فقط.
فصل قال أبو محمد: واحتج بعضهم في إيجاب القول بالعلل، وأن الاحكام إنما وقعت العلل - بأن الأسماء مشتقة في اللغة.
وهذا لو صح لما كان لهم فيه حجة، إذ لا سبب في الاشتقاق يتوصل به إلى إثبات العلل في الاحكام، فكيف وهو باطل.
(١١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1117 1118 1119 1120 1121 1122 1123 1124 1125 1126 1127 ... » »»
الفهرست