فهذا القسم نظير أوامر المفتي للمقلد أو الواعظ للمتعظ المستمع. فحينئذ يشكل التمسك بالأخبار الواردة في بيان الاحكام، لاثبات (1) الوجوب المولوي وترتب آثاره من الفسق أو استحقاق العقاب بمجرد مخالفته.
وبعبارة أخرى: الأوامر الصادرة على ثلاثة أقسام:
(الأول) ما يكون نظير أوامر الطبيب للمرضى بالنسبة إلى الأمور البدنية، وهذا لا يكون في مخالفته إلا المفسدة المترتبة على نفس المخالفة.
(الثاني) ما يكون نظير أوامر المفتي والواعظ للمقلد والمتعظ المستمع، وهذا لا يكون فيه غير مخالفة الواقع مخالفة أخرى.
(الثالث) ما يكون نظير أوامر الملوك والسلاطين لرعيتهم، وهذا القسم يكون في مخالفته عقاب آخر غير العقاب المترتب على نفس الواقع وهو المراد من قوله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم (2).
ولذا قال علماء الأصول: النهي عن عبادة أو معاملة على وجه خاص يدل على الفساد، بل يمكن أن يقال: بدلالة مطلق النهي والامر على الفساد والصلاح، فأن كان محفوفا بقرينة تدل على الكراهة أو الندب فبها، وإلا يحمل على الحرمة أو الوجوب.
في تقسيم المأمور به (فمنها) تقسيمه إلى التعبدي والتوصلي، ولا بد من بيان معناها.
اعلم أن لهما تعاريف (فمنها) أن التعبدي ما لم يعلم الغرض منه، والتوصلي ما يعلم الغرض منه. (ومنها) غير ذلك ولا يهمنا ذكره.
والعبارة الجامعة له أن التعبدي ما يؤتى على نحو يكون صالحا لان يقال: أنه