ويؤيده أيضا قوله تعالى مخاطبا لإبليس لعنه الله: ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك بعد قوله تعالى: ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس (1).
ولا فرق فيما ذكرنا بين الطلب المستفاد من لفظه أو مادة الامر أو صيغة (افعل) أو غمز وإشارة، أو من الجملة الخبرية المراد بها الطلب، فإن الحكم المذكور للإرادة النفسانية بأي شئ انكشفت أو للطلب الغير المقارن للاذن في الترك كما تقدم، كما لا يخفى.
ثم لا يذهب عليك أن الحكم المذكور لا يكون لمطلق الطلب الصادر من أي شخص بالنسبة إلى أي أمر، بل الطلب الصادر ممن له حق الأولوية لحكم العقل والعقلاء على المكلف بالنسبة إلى الأوامر المولوية كأوامر الله تعالى كافة وأوامر الرسول صلى الله عليه وآله، وأولي الامر الذين أمر الله بطاعتهم، لا مطلقا، بل من حيث إن أمرهم عليهم السلام من قبل الله ورسوله صلى الله عليه وآله.
قال الله: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم (2).
نعم، ما ذكرنا من أنه لا فرق بين أنحاء الطلب إنما هو بالنسبة إلى نفس الطلب.
وأما بالنسبة إلى المتكلم فقد يقال بالفرق بين الطلب المستفاد من الصيغة والمستفاد من مادة الامر والطلب بأنه (3) في الثاني متصور مع المطلوب دون الأول.
ووجهه أن الطلب لكثرة توجه الامر إلى المطلوب مندك وفان في المطلوب، كأن الطالب لا يرى ألا المطلوب، وإن كان مع التوجه والالتفات يتصوره أيضا، مثلا قولنا: اضرب زيدا - مع قطع النظر عن التفات المتكلم إلى هذا الكلام - يدل على مطلوبية وقوع الضرب على زيد، ولذا صرح بعضهم بعدم دلالته على الطلب