ذكر القيد، سواء كان شرطا أو وصفا أو غاية ونحوها من القيود والأوصاف، وأنها تدل على الثبوت عند الثبوت، وأن لها دخلا في ثبوت الحكم وجودا.
وبعبارة أخرى: الموضوع في القضية الشرطية في نحو قولنا: (إن جاءك زيد فأكرمه) هو زيد الجائي لا أن المجئ علة لوجوب إكرام زيد كما اختاره جماعة من المتأخرين، فإنهم يبحثون في كون العلة المستفادة من الشرط هل هي علة تامة أو غير تامة، المستكشف منه أن كون الشرط علة في الجملة مفروغ عنه والنزاع في خصوصيتها. نعم لا يدل على الانتفاء عند الانتفاء، اللهم إلا بالنسبة إلى هذا الحكم، فمعنى قولنا: (إن جاءك زيد فأكرمه) أن وجوب الاكرام الثابت لزيد الجائي منتف عند انتفاء القيد لا مطلق وجوبه، فافهم.
ثم لا يذهب عليك أن هذه الدلالة من دلالة التكلم لا من دلالة الكلام، بمعنى أن الأصل العقلائي كما يقتضي كون التكلم لأجل الدلالة حذرا من لزوم اللغوية كذلك يقتضي بالنسبة إلى أجزائه.
وبعبارة أخرى: كما أن أصل الكلام يحمل عند العقلاء على إرادة معنى في الجملة، كذلك أجزائه التي من جملتها هذا القيد وأما الانتفاء عند الانتفاء فدفع محذور اللغوية غير محتاج إليه فيحتاج إلى دليل آخر.
وأما بناء على ما اختاره المتأخرون من استفادة المفهوم من كون الشرط علة تامة منحصرة مع الوجوه التي ذكروها في محله، فلا يسمن ولا يغني من جوع.
تتميم لا نزاع في انتفاء شخص الحكم الذي أوجده المتكلم - بنفس هذا الكلام - عند انتفاء القيد كما هو ظاهر، فلو قال: (إن جاءك زيد فأكرمه) فقد أوجد الوجوب المتعلق بإكرام زيد الجائي، فلا يتصور حينئذ بقاء الحكم بعد انتفاء القيد شخصا أو سنخا، وعليه يحمل الأوقاف والأقارير والوصايا وأمثالها مما يكون