عنده أيضا كما يعلم، بالمراجعة إلى حال الموالي بالنسبة إلى العبيد.
ثم لا يخفى أنه لا يكون هذا الكشف بالدلالة اللفظية - بمعنى أن صيغة (افعل) مثلا تدل على أن منشأ الاستحقاق يكون طلبا كذائيا كما هو المتراءى من الكفاية، من أنه بالوضع أو بالاطلاق، ومن أن الصيغة مثلا تدل على الطلب المتقيد بالإرادة النفسانية وضعا أو إطلاقا لعدم (1) الدليل على إثبات هذا المعنى لها.
مضافا إلى ما فيه (أولا) من أن الإرادة لا تكون قابلة للانشاء كما أشرنا إليه في بحث الطلب والإرادة.
و (ثانيا) أن الإرادة النفسانية تكون علة لانشاء الطلب، والمعلول لا يمكن أن يتقيد بعلته، ضرورة لزوم تقدم العلة على معلولها رتبة، والمتقدم بمرتبة لا يمكن أن يكون قيدا للمتأخر عنه بتلك الرتبة فإن وجود القيد لو لم يكن متأخرا عن المقيد فلا أقل من لزوم تقارن وجودهما.
نعم، يمكن أن يستفاد الموضوع (2) من الأصل. توضيحه: أنه إذا قال المولى:
اضرب (فتارة) يشك في أن صدوره كان لمعنى أم لا؟ فالأصل يقتضي الأول.
(وأخرى) في الإرادة الجدية أو كانت استهزاء فهو أيضا يقتضي الأول. (وثالثة) دلالة لفظة (اضرب) على معناها الحقيقي أو المجازي - وهو الضرب مثلا - فهنا تجري أصالة الحقيقة، ومعلوم أن مدلول اللفظ منحصر في الثالث دون واحد من الأولين ضرورة عدم دلالة اللفظ على صدوره لمعنى أو عن جد وإرادة.
فانقدح بذلك أن منشأ حكم العقلاء باستحقاق العبد العقوبة لا يكون بدلالة.
لفظية، بل بالأصل العقلي، ولا يحتاج إلى دليل وبيان أو إقامة برهان بل يكون الحكم المذكور ناشئا من نفس الطلب.