تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ٦١
الفحص، فهذا الحكم منه يمكن أن يكون بيانا وحجة، وان شئت قلت: ان العقل يحكم على سبيل التخيير بين الفحص والاحتياط عند تركه، فلو فحص عن مظان البيان يجرى البراءة العقلية، لتحقق موضوعها أعني العقاب بلا بيان، ومع ترك الفحص يحكم بالاحتياط في المقام للتحفظ على الواقع، فمخالفته مع حكمه بالاحتياط يوجب صحة العقوبة.
ويحتمل الثاني بان يقال: إن حكم العقل بلزوم الاحتياط قبل الفحص ليس لأجل التحفظ على الواقع مستقلا، بل لأجل احتمال ورود البيان في الكتاب والسنة والمفروض انه لم يرد بيان فيهما، فترك الاحتياط في هذه الموارد، لا يوجب استحقاق العقاب، لأن المفروض عدم البيان في مظان وجوده، الذي لأجله كان العقل يحكم بالاحتياط، فضلا عن وجود الطريق المضاد للواقع، فاستحقاقه للعقوبة مع ترك الفحص وحكم العقل بلزوم الاحتياط تابع لوجود بيان واصل من المولى بحيث لو تفحص لوصل إليه.
واما ما ذكرناه من أنه ترك الواقع بلا حجة، فيمكن ان يدفع بأنه انما ترك الواقع مع وجود عذر واقعي مغفول عنه، ومعه لا يكون عاصيا وإن كان متجريا، اللهم الا ان يقال، ان العذر الواقعي المغفول عنه، غير الملتفت إليه ليس بعذر، والشاهد عليه انه لو فرضنا ان شرب التتن كان حراما واقعا وقام به طريق، لكنه لو تفحص عنه لوقف على دليل أرجح منه يدل على حليته، بحيث كان له الاخذ بالأرجح حسب القواعد الاجتهادية، ومعه لم يتفحص وشربه وخالفه فلا يمكن ان يعد وجود الدليل الراجح عذرا والمسألة يحتاج إلى التأمل وامعان النظر في مجال واسع.
ثم إنه يظهر مما ذكرنا من حكم العقل على استحقاق العقاب على ترك الواقع الذي ورد البيان له بحيث لو تفحص لظفر به، ان المنجز (بالكسر) هو الاحتمال والمنجز هو الواقع ومعنى تنجيز الواقع هو صحة العقوبة عليه عند المخالفة، و ما أفيد في المقام من أن المنجز (بالفتح) انما هو الطريق قائلا بان الواقع غير فعلي
(٦١)
مفاتيح البحث: الحج (2)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست